قال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ (سورة هود: 61)
عندما يكون لك أثر إيجابي في أبنائك، وأهلك، ومالك، وصحبك، وكل ما هو حولك فأنت من الذين يعمرون الأرض بكل ما هو نافع، لا تظن أن وجودك في هذه الدنيا عبثًا، قال الله تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ (سورة المؤمنون: 115).
يجب عليك عمل الخير والمسارعة إلى الأفعال التي تنم عن الشهامة، والمروءة، والإنسانية، وحب الخير للغير، والمبادرة إلى مساعدة الآخرين، وتقديم العون لهم، حتى أبسط التصرفات كالابتسامة، وإماطة الأذى عن الطريق، وإفشاء السلام؛ حيث إن الدين الإسلامي حث على هذه الأفعال لعظيم نفعها وما تتركه من أثر إيجابي على المجتمعات، قال رسول اللّٰه ﷺ: (لا تحقرن من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلق)، وقال إبراهيم بن أدهم – رحمه اللّٰه – : فمن لم يواسِ الناس بماله، وطعامه، وشرابه، فلْيواسهم بِبَسط الوجه، والخُلُق الحسن.
ولكن من الغريب المريب العجيب أن تكون ممن يعيش بين الناس لا حيًّا ولا ميتًا فلا أنت ذو نفع، لا في زراعة ولا في صناعة ولا في أي شأن من شؤون مجتمعك، ولا تعمل عقلك فيما هو خير للناس، ولا لك أي تأثير فتنقضي الأيام تلو الأيام وليس همك إلا نفسك كيف تُشبِع رغباتك فقط، فأنت ضمن المجتمع ولكن سيان وجودك من عدمه، فحياتك سقم، ووقتك يمضي سُدى.
أما إن كنت من طائفة الأذى، لا راحة لك ولا هناء إلا الإضرار بالغير، تظلم وتبطش وتشتم، قال رسول الله ﷺ : (ليس المؤمن بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش ولا البذيء)، فإن كنت ممن لا يسلم الناس من يدك أو من لسانك، فظًا، غليظ القلب، لا تخلو من ترك بصمة غير مرغوبة في غدوك ورواحك، ينفر منك من هُم حولك، ويتضايق آخرون من وجودك، تجد من يدعو عليك لا لك، فأي حياةٍ أنت تعيشها، لا سلام مع نفسك، ولا وئام مع الغير، فوجودك في الدنيا ضرر بل إن موتك راحةً لك ولغيرك.
ليس مطلوب منك الكمال فالكمال وجه الله سبحانه وتعالى بل المطلوب أن تسعى إلى أن تكون ممن يُذكر بالخير دائمًا، وممن لا يألوا جهدًا في إظهار الخير في أقواله وفي أفعاله، كبيرةً كانت أم صغيرة.
قال رسول الله ﷺ: (إذا قامت الساعةُ وفي يدِ أحدكم فسيلةٌ، فإن استطاع ألا يقومَ حتى يغرِسَها فليفعل) .