المقالات

الحق الأهم

مما لا يخفى على أحدٍ أن المطالبة بحقوق المعاق في التعليم والعمل والصحة وغيرها من المجالات قد أصبحت رسالة الكثير من المعاقين وأسرهم والمهتمين من ذوي الاختصاص والإعلاميين؛ ولذلك قد نشرت المقالات، وأقيمت الندوات والمؤتمرات، وأطلقت الكثير من الوسوم والتغريدات.

ولكن هنا أحب أن أسلّط الضوء على أحد الحقوق، والذي هو الأهم من منظوري الشخصي، وهو الاحترام.
وأعني بذلك الاحترام على جميع الأصعدة والتعاملات، والذي قد يترتب على سلبه وإهماله ضياع وانتهاك الكثير من الحقوق المكفولة والمتوفرة، ولكن قد حرم منها الكثير لعدم احترام أحقيتهم بالحصول عليها من قبل البعض لأسباب عدة أهمها: الجهل والإهمال، والتهرب من المسؤولية.
ولجهل المعاق بالطرق الصحيحة للمطالبة بها، والحصول عليها.
ومن الأمثلة على ذلك جامعات تحدد للطالب المعاق تخصصه الدراسي بناءً على فكر ورأي العاملين بها دون أي احترام لرغباته الخاصة وحريته في الاختيار، ومن تلك الجامعات من أُجبِر فيها الطالب المعاق على تغيير تخصصه بعد أن قطع شوطًا في مساره الأول بدون سبب واضح غير أن من وافق على دخوله لهذا التخصص قد تبدل أو تغير رأيه، ومنها من لا تقبل المعاق أصلًا.
ومن التجارب المؤلمة المجسدة لإهمال الواجبات بدافع التخلص من المسؤولية: فقدت طالبة في كلية الطب بإحدى الجامعات بصرها لمشكلة صحية فذهب والدها للجامعة؛ ليستفهم عن الإجراء المناسب لمثل هذه الحالة فكان الرد هو أن يقوم بسحب ملف ابنته وتسجيلها بجامعة أخرى؛ ولجهله بما يتناسب مع وضع ابنته الجديد، وما يحق لها نفّذ ما طُلب منه لتعود تلك الطالبة بعد أشهر بتدخل إحدى الناشطات لنفس الجامعة ولمسار شريعة بحكم أنه من ضمن المجالات المتاحة للكفيف في معظم الجامعات رغم أن لمنسوبي أحدها وجهة نظر مختلفة ترتب عليها منع الكفيف من دخول هذا التخصص بمبرر أنه غير مناسب للكفيف.
وما زالت قضية أحد الطلاب المكفوفين في المحكمة الإدارية منذ سنوات تنتظر النظر فيها لإنصافه على الجامعة التي حرمته من حقه في الحصول على البدل الخاص بالطالب المعاق في الجامعة لمدة شهرين، ولم يصرف له أثر رجعي بالمبلغ غير المصروف له، كما هو المفترض ولم يعير منسوبو الجامعة لمطالباته اهتمام.
وإن كنا سنتحدث عن سوء تقديم الخدمات المكفولة، وقبح الألفاظ، والأفعال على المستوى الفردي بمختلف الدوافع والمسببات من بعض منسوبي الجامعات وغيرها فسيطول الحديث.
ولا يقف انتهاك حقوق المعاق وعدم احترامها عند الجامعات فمعظم مدراء المدارس والروضات يرفضون قبول الطالب المعاق بسبب عدم معرفة ما يجب عليهم تجاهه أو مخافة ردة فعل أولياء الأمور عند معرفتهم بوجود طالب معاق مع أبنائهم في المدرسة، وقطاع العمل الخاص الذي لا يعترف بالمعاق إلا كاسم يُسجل في التأمينات لأهداف معينة بدافع أن المنشأة غير مهيأة أو أن طبيعة العمل لا تناسبه، أما في القطاعات الحكومية فمعظمها لا تقبله أصلًا.
ولا ننسى أُولئك الذين عطلت مصالحهم بمنعهم من السفر بحجة عدم وجود مرافق معهم، بل إن البعض منهم تم إنزاله من الطائرة بعد صعودها، رغم مقدرتهم التامة على السفر باستقلالية.
إلى جانب الكثير من التجاوزات على مستوى الأفعال، والأقوال، والتعاملات من مختلف الجهات والأفراد.
وتتنوع صور التهاون بحقوق المعاق المكفولة، وعدم احترامها، ويبقى غياب الرقابة وفرض العقوبات الواضحة هو السبب الأقوى والأكثر تأثيرًا؛ فعندما يتعرّض المعاق للتهميش أو الإبعاد وانتهاك الحقوق لا يعلم لأي جهة يتجه، وما الإجراءات المفروض القيام بها، ولا يعلم الجميع بما فيهم المسيء ما العقوبة المترتبة على تلك الإساءة، وما هو المسمى الدقيق لمثل هذه الأفعال.
وكما أنه قد سنّ قوانين لمكافحة التحرش والإساءة للمرأة فنحن نرجو أن يسن قانون متكامل يحفظ حقوق ذوي الإعاقة، ويدافع عنها، ويحاسب المتجاوزين عليها سواءً أكان المسيء من ذوي المراكز والموظفين في قطاع الصحة، والعمل، والتعليم، والإعلام، وغيرها أو من أفراد الأسرة، والمجتمع المحيط.
فمهما تعددت أنواع الإساءة، واختلفت صفات المسيء ففرض العقوبات الصارمة وتطبيقها هو الطريقة الأقدر على تقويم الأخطاء، والحد من انتشارها.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button