منسيات

العمود قوام كل شيء ، وعمود كل شيء مركز ثقله ومحوره ، وعمود الدين الصلاة ، وأعمدة البيوت حماية لها من السقوط ، والبيوت لها أسرارها كما يقال ، ومن أعمدة البيوت المؤثرة الزوجة الصالحة .
فكم من نموذج سامق يصّعد إلى السماء بشرف الاستقامة والتفاني ؟ وكم من أمٍّ طوتها صفحات النسيان برغم تضحياتها الباسلة في سبيل أبنائها ؟ وهل لتلك النماذج من احتضان وتقدير جديرين ؟ ولماذا لا يكون هناك بادرة وطنية تتبناها جهات حكومية أو أهلية لتكريم أولئك ؟
إنّ البيوت السعودية لتزخر بنماذجَ يشار إليها بالبنان ، ضحّت بكل غالٍ ونفيس في سبيل رفعة أبناء الوطن عامة وأبنائهن خاصة ، ومن صور التضحيات مَنْ حرمت نفسها إكمالَ تعليمها – برغم تفوقها – لإتاحة الفرصة لأبنائها في التعليم ، ولكي تكون قريبة منهم أشد القرب ، فكانت أن رأت ثمرات جهودها تسطّر بحروف من ذهب و نور ، والنماذج أكثر من أن تُحصى ، ولنا في نجاح الأبناء خير دليل ، فمنهم حفظة كتاب الله ، ومنهم من يتبوأ المناصب العليا ، ومنهم من يحمل الشهادات العلمية ، كل ذلك بفضل تلك الأم الفاضلة التي ناضلت من أجل البناء الصالح والعمل النبيل .
إن مجتمعنا ليجحد تلك القامات عندما يتجاهل جهودهن ، فهن على رباط ، وحافظات للود ، وأمينات على البيت بكل ما تعنيه الكلمة تجليًّا وحفظًا ، فهل مِنْ متبنٍ لفكرة إنشاء موقع لتسجيل نجاحات كل من نجح ، واعتماد الأدلة الشاهدة كبرهان على الصدق ؟
إن تلك النماذج لهي الثروة الحقيقية ، فلا أعلم طيلة حياتي التي نيفت على الأربعين عامًا أنْ كُرّمت الأم المثالية نظير جهودها ، وهذه البادرة إن حصلت فستكون فتحًا مبينًا وردًّا للجميل لفئة ما فتئت تناضل خلف الستار بغية الرفعة والسمو والأجر في الدارين ، إنّي وباسم كل وطني ومقر بالجميل أطالب الجهات المعنية ؛ لاسيما الشورى ، ووزارة الثقافة ، ووزارة التعليم تدارك لمسة الوفاء لهؤلاء المنسيين ، وتقديم الشكر والشكر فقط ولايرجون أكثر من ذلك .
ولاننسى جهود الآباء وتضحيات الأشقاء والشقيقات ، فكلهم له دور بارز ، ولكن تبقى الأم مدرسة ؛ بل جامعة لفضائل الأخلاق ، وكريم التضحيات ، فهل أنتم مدركون أيها المسئولون .