يمكن اعتبار بعض الإعلام النصراوي الذي يعزف على نوتة النشاز جزءًا من مشكلة النصر، بل لا أبالغ إذا قلّت إنه المشكلة كلها برمتها، فهم الذين تسنموا المنابر الإعلامية؛ وخاصة الفضائية وتشدقوا بعبارة “المشروع” ورددوها بغباء مذقع، ووضعوا نادي النصر وإدارته وداعميه في كورنر ضيق، وسطحوا عقول جمهور الشمس بطريقة ساذجة، وزادًا من هول السقوط الإعلامي النصراوي تلك النبرة الاستعلائية، والغرور، والكبرياء، مع كل صفقة تم توقيعها قبل الذهاب للمعترك الآسيوي، ووصل بهم الغرور أن مارسوا كل أنواع السماجة مع نادي الاتحاد بعراقته، وعالميته وتاريخه، فأحدهم بكل صلف يقول، ومن منبر فضائي سيفوز الأهلي على الاتحاد “عند استكمال الموسم” بثلاثة أهداف، وهذا توقع شخصي لا يلومه عليه أحد، لكن مقدم البرنامج قال له هل هذا توقع أم أمنية؟ قال بل توقع وإذا كانت بالأمنية فأتمنى فوز الأهلي خمسة صفر، إعلامي نصراوي آخر، وفي قناة فضائية أخرى ذكر الأربعة الكبار، واستبعد الاتحاد مستشهدًا بوضع الاتحاد المهدد بالهبوط، ونسف كل إنجازاته وبطولات التي حققها بعرق الجبين من داخل المستطيل الأخضر.
لن أتوقف عند سقطات بعض الإعلام النصراوي فقد عروا عقلياتهم أمام الملأ، ولكن تعالوا للأزمة التي تسببوا فيها للكيان النصراوي فقد رددوا عبارة “استراتيجية” وعبارة “مشروع” بطريقة ساخرة، بل إن بعضهم لم يخجل، وهو يشير إلى بناء فريق نصراوي للآسيوية متجاوزًا المحلية بعقلية سطحية نخشى عليها من العين.
في علم الإدارة الاستراتيجيات مبنية على سنوات لا تقل عن عشر سنوات، ويتبع لها خطط قصيرة المدى، وخطط استراتيجية من ثلاث إلى خمس سنوات، وبالتالي النصر وقياداته لم يفكروا في استراتيجيات طويلة المدى التي تأتي من الفئات السنية من القاعدة فقط، ولم يفكروا في خطط استراتيجية المبنية على سنوات محددة، وكل الذي فعلوه هو المتبع في النصر وغيره نهاية كل موسم بالاستغناء عن بعض اللاعبين، وجلب آخرين وفق رؤية الجهاز الفني، وحدث ذلك في كل الأندية، ويتكرر المشهد سنويًّا، لذا على الإعلام النصراوي الذي سقط في وحل الغرور التريث قليلًا قبل تسويق “الاستراتيجية” أو المشروع”، وعلى هذا الإعلام المرتبك مراعاة المنطق، والعقل، فالحديث عن النصر لا يستدعي منهم الفجور في الخصومة، ومحاولة الحاق الأذى النفسي، والمعنوي للأندية الأخرى.
بعض الإعلام النصراوي خرج على ناموس المهنة الإعلامية، وبالغ في تقييمه للوضع العام، ونسي إن الظروف تحيط بأي فريق وتحبط عمله، وإن الأيام مداولة، ففيما كان الهلال يستعد للفوز بالآسيوية للمرة الثانية على التوالي، وهو جاهز لها بعدته وعتاده، أتته “جائحة كورونا” فأقصته عنوة، وتكرر المشهد على النصر ففيما كان يريد أكل اليابس، والأخضر محليًّا وخارجيًّا، أقصته الظروف بنفس الطريقة، وتجرعوا نفس الكأس، لأن فوق كل ذي علم عليم، ومهما بلغت من القدرة المالية، والجاه، والسلطة فلن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولًا.
النصر حاصرته الظروف وقست عليه، وبالغ إعلامه في عزف النوتة النشاز، ولكل المتشدقين وكل الشامتين أقول لهم احذروا من عودة النصر، وعندما يستعيد الفريق حيويته، ويستعيد توازنه سيقدم كتيبته بشكل آخر، وسيرد الصاع صاعين؛ لأنه لم يقدم 20% من مستواه الحقيقي إلى الآن فاحترسوا من ضربة أشعة الشمس التي لا تبقي ولا تذرُ.
0