ما زالت مقولة (لا لغة تفوق لغة الأرقام) عالقة في الأذهان؛ حيث تبرز من خلالها أهمية الأرقام التي تتصف بالموضوعية والمصداقية إلا أن هذه اللغة الرقمية عندما يُساء استخدامها من أجل تزوير الحقائق؛ فإنه لا يمكن الاعتماد عليها للحكم على المنجزات؛ كونها في هذه الحالة تحولت من لغة أرقام صادقة إلى لغة أرقام كاذبة .
وفي محطات هذا المقال تنطلق رحلتنا؛ للبحث عن ومضات تضيء الطريق من أجل القضاء على ما يجتاح قطاعات عدة في المجتمع من روتين وبيروقراطية عطلت الكثير من الأعمال الهامة، وقضاء حوائج الناس.
وأولى هذه المحطات ما نشاهده ونسمعه من بعض المسؤولين عندما يقفون أمام الفلاشات وكاميرات التصوير؛ حيث يتلاعبون بمفردات هذه اللغة الرقمية على المكشوف، وبأسلوب مستفز فباتت الأرقام التي يعلنونها غريبة وغير متوقعة، ولا يمكن لعاقلٍ أن يصدقها بأي حال من الأحوال لا سيما، وأنها تتنافى مع المنطق، ولا تتفق مع الواقع فلا أحد يُنكر أن هناك فارقًا كبيرًا بين لغة الأحلام ولغة الأرقام؛ فالأمنيات كثيرة، ولكنّ المتحقق منها ليس كثيرًا في معظم الحالات.
وحتى ندرك أهمية لغة الأرقام في الارتقاء بمعدلات الأداء، وجودة المخرجات فإنه يجب علينا أن نعلم أنه كلما كانت الأرقام حديثة تحكي الواقع كلما وصلنا إلى وضع أسس متينة لمعالجة قضايانا بشكل واقعي وعقلاني من أجل المساهمة في تطوير وتحسين حياة المواطن والمجتمع؛ خاصة وأنَّ كل دولة في تحدٍ مع الزمن للمنافسة والفوز بأفضل المعايير على مستوى العالم من خلال التقارير المحايدة التي تعتمد على ما يعلن من أرقام على لسان أولئك المسؤولين الذين يجب عليهم فهم لغة الأرقام؛ لكي يتمكنوا من تحقيق أرقام قياسية تعود بالنفع على المجتمع والمواطنين فنحن في عصر المعلومة الدقيقة التي على ضوئها يتم اتخاذ القرارات الصحيحة، ورسم الخطط الملائمه فتحدي هذا القرن يكمن في اللحاق بركب المعايير الدولية في كل قطاعات التنمية المُختلفة اقتصاديًّا، واجتماعيًّا، وسياسيًّا، وتكنولوجيًّا.
وفي محطتنا الأخيرة نصل إلى القول بأنه بدون أرقام صادقة وواقعية لا يمكن أن يتحدث المسؤول عمّا تم إنجازه في وزارته أو في منشأته التي يديرها فالبلاغة النثرية أو الشعرية ليست بديلًا لما يراه المواطن بعينه المجردة على أرض الواقع فالكلام عندما يبنى على أحلام وردية؛ فإنّ الصورة قد تكون قريبة من المهزلة إن لم تكن المهزلة بعينها.
وخزة قلم..
العبرة في زمننا هذا لا تكمن في التصريحات الإعلامية البراقة، وإنما تكمن في الإنجازات الملموسة يومًا بعد يوم.