عبدالرحمن العامري

لغتنا تصرخ في يومها العالمي !!

تُعد اللغة العربية من أقدم اللغات وأكثرها انتشارًا واستخدامًا في العالم، منذ أن اختار الله تعالى هذا اللسان العربي الشريف، لغةً لكتابه المجيد، فهي ليست لغة تواصل بين أبناء قومها فقط؛ بل هي حاملة الوحي السماوي، ووعاء الحضارة الإسلامية، وتراثها الفكرى والفقهي والأدبي، وجميع ما أنتجته الحضارة الإسلامية في أوج قوتها وازدهارها.
ومع أن الأمة العربية تحتفل في اليوم الثامن عشر من شهر ديسمبر، من كل عام بيوم اللغة العربية العالمي، وهو اليوم الذي تم فيه ضم اللغة العربية إلى لغات الأمم المتحدة المعتمدة في الجمعية العامة، ولجانها.
إلا أن لغتنا، وعلى الرغم من كل هذه الاحتفالات بيومها العالمي ما زالت تصرخ، وتشجب وتستنكر ما تشاهده من تنكر لها من أبناء جلدتها الذين خذلوها، وتخلوا عنها، ولسان حالها يردد ما قاله حافظ إبراهيم:
رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ وَلَيتَني
عَقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ عُداتي

فما نشاهده في معظم الشوارع والطرقات من أخطاء جسيمة في القواعد الإملائية والنحوية التي تظهر على اللوحات الإعلانية، وتلك التي تعتلي واجهات المحلات التجارية يجعلنا ندرك سبب صُراخ لغتنا الذي صممنا عنه أذاننا، وأغمضنا عنه أعيننا؛ خاصة عندما نشاهد بعض تلك اللوحات، وقد كتبت باللغتين العربية والإنجليزية، فترى العربية عباراتها ركيكة مليئة بالأخطاء اللغوية بينما الإنجليزية كتبت بعناية واحتراف ناهيك عن لوحات كتبت كل كلماتها باللغة الإنجليزية، وقد يرجع انتشار مثل هذه الأخطاء إلى عوامل عدة يأتي في مقدمتها عدم العناية والتدقيق فيما يكتب على هذه اللوحات ومراجعتها قبل طباعتها، وكذلك ضعف الوعي بخطورة مثل هذه الأخطاء التي يرتكبها كتّاب هذه اللوحات من الخطاطين أو العاملين في محلات الدعاية والإعلان الذين تنقصهم المهارات اللغوية كون البعض منهم ليس عربيًّا فتشوهت اللغة على أيديهم.
أما الطامة الكبرى والمفجعة فهي تلك التيارات التي تخرج لنا عبر وسائل الإعلام المختلفة، وهي تنادي بتعميم اللهجات العامية، وترسيخها في المقررات الدراسية والبرامج التوعوية، وكذلك انتشار المفردات الأجنبية في اللغة العربية على ألسنة المتفرنجين الذين تنكروا للغتهم؛ فأصبح جل حديثهم كلمات اجنبية معتقدين أنهم قد بلغوا أوج الحضارة بتلك المفردات التي يبرزونها بشكل ملفت للنظر متهمين اللغة العربية بالفقر، وعدم مواكبتها للعصر، وعجزها عن استيعاب العلوم الحديثة. وتلك لعمري كذبة كبرى ومظهر من مظاهر عقدة النقص الذي يشعر به هؤلاء المغلوبون في أمرهم المولعون بتقليد الغرب في كل شؤون حياتهم، وما علموا أن لغتهم تأبى إلا أن تزهو بشموخها وعزتها التي شرفها الله بها فهي ليست حقبة وانتهى عصرها، بل هي روح تسري في القلوب والعقول.
وختامًا فإذا ما أردنا الحد من هذه الظواهر السلبية، والقضاء عليها؛ فإنه يجب على المدارس والجامعات وجميع المؤسسات التي تُعنى باللغة العربية القيام بواجبها العلمي من خلال الدراسات والبحوث التي من شأنها توعية الناس، وتنمية الحس اللغوي لديهم، وتعزيز مكانة العربية في نفوس الأجيال القادمة في مختلف المجتمعات.

وخزة قلم:
‪ لغة القرآن الكريم ثروة لا ينبغي التفريط فيها فلا عزة لنا إن أضعناها ‬

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button