شهد العالم تغيرات سريعة، وتطورات ملموسة في نظام تقنية المعلومات والاتصالات والإعلام، ومن أبرز تلك التطورات ما نلمسه في وسائل الإعلام الجديد، ومواقع التواصل الاجتماعي التي امتد تأثيرها؛ ليصل إلى جميع المجالات، ويرسم أشكالًا جديدة للتواصل مع الجماهير تتميز بالتفاعلية، وسرعة الانتشار، وانخفاض التكلفة، وغيرها من مميزات الشبكات الاجتماعية، ومن هنا عكس الإعلام الجديد تحديات جديدة على المجتمع كونه لم يعد يتحكم فيه نخبةٌ مثقفة أو قادةٌ متخصصة؛ حيث أتاح لجميع شرائح المجتمع وأفراده عبر أدواته فرصة الدخول فيه، وتقديم وصُنع محتوى بتكلفةٍ بسيطة وبقيود رقابية منخفضة مقارنةً بالقيود الرقابية الموجودة على وسائل الإعلام التقليدية كالتلفزيون والراديو، فالفجوة الرقابية بين وسائل الإعلام التقليدية والجديدة كانت واضحة وكبيرة جدًّا، بالرغم من أن من يقود الوسائل التقليدية هم من المتخصصين والقادة الإعلاميين، وهذا ما قد يفتقره صانعي المحتوى في وسائل الإعلام الجديد؛ ونتيجةً لذلك كان هناك الكثير من المحتويات التي تُعرض عبر الإعلام الجديد تحمل رسائل ضمنية مُبطنة ومُمنهجة تتغذى على الأخبار والقضايا المجتمعية السعودية مستخدمةً نظرية التأطير الإعلامي؛ وذلك بعرض المحتوى الذي يرغب في التحدث عنه، غير مبالٍ بالتفاصيل الأخرى، والتي قد تكون مهمة في الموضوع المطروح، والتعليق عليها بشكل هزلي وساخر محاولًا بذلك التقليل من كل الجهود المبذولة، وعلى سبيل التذكير والتوضيح هناك من صور في إحدى حلقات برنامجه الأسبوعي مشهدًا دراميًا يتحدث عن شخص يحتفل باليوم الوطني السعودي فيستدعيه معاتبًا ومعترضًا بأسئلة شخصية متعلقة بالوظيفة والدراسة، حولت من هذا الشخص المتفائل الفرح إلى شخص كئيبٍ وحزين في مشهد لا يتعدى الدقيقتين، أضف إلى ذلك ما تحاكيه بعض المقاطع والفيديوهات المنتشرة عن المقارنات السلبية بين مجتمعات ومجتمعات أخرى والتي تكون بهدف التسلية والترفيه، وهي في الحقيقة تحمل في طياتها جلد للذات البشرية وهدم للروح المعنوية؛ وذلك بالسخرية والتقليل من المجتمع المحلي والثناء على المجتمعات الأخرى، جميع هذه الأمور كان يتعرّض لها مجتمعنا السعودي الشاب قليل الخبرة والتجربة، الأمر الذي قد يجعل هذه الفئة المستهدفة ساخطة وناكرة لمجتمعهم وهنا تكمن الخطورة، فزرع الأفكار المضللة والمتطرفة لهذه الفئة التي تتصف بُصغر السن وقلة الخبرة والتجربة أمر وارد الحدوث؛ لذلك التعامل مع هذه الفوضى الرقمية ومحاسبة الفاعلين وردعهم ضرورة ملحة لبناء الأجيال وتنمية العقول الفكرية الشابة بطريقة سليمة وصحية بعيدًا عن تلك السموم الرقمية التي كانوا يتعرّضون لها باستمرار، وهذا ما أصبح واضحًا وجليًا في الفترة الحالية من خلال تفعيل دور الرقابة على كل ما يُقدم عبر أدوات الإعلام الجديد، ومحاسبة كل شخص أساء استخدام هذه المنصة المتكاملة؛ وذلك بفرض عقوبات قانونية وإعلامية رادعة لهم، أختم المقال بسؤالٍ أضعه بين يديك عزيزي القارئ مطالبًا فيه بوضع تصورك لما قد يحدث في حال لم يتم التعامل مع هذه السموم الرقمية بهذا النضج المجتمعي الذي نشهده الآن ؟ وكيف سيكون تأثيرها على الأفراد وعلى المجتمع في حال بقائها ؟
1
رائع رائع رائع .. فعلا كانت سيكون عواقب كبيرة على المجتمع
فخور بك دكتوري العزيز