المقالات

الطلاق الهادئ (الإيجابي)١

هل هناك طلاق إيجابي ؟!
أيعقل أن يكون الطلاق هادئًا؟!!

مما لا يخفى عليك عزيزي القارئ أن الطلاق أحد الخيارات المؤلمة، والقرارات الصعبة عند استمرار الخلافات، وتفاقمها، وتعذُّر حلها بين الزوجين، ووصولها إلى طريق مسدود، وفقدان كامل للتفاهم والاحترام؛ فعندها تتجه الأمور إلى نهايتها؛ خصوصًا إذا اتخذ عن قناعة باستحالة العشرة واستمرارها، بل قد يعقب ذلك أضرار ومشكلات نفسية وسلوكية للزوجين والأبناء، وتشير الإحصائيات والتقارير الصادرة من وزارة العدل عن زيادة حالات الطلاق؛ فهي تشهد ارتفاعًا مقلقًا ومزعجًا على جميع المستويات؛ حيث بلغت نسبة الطلاق 80% تقريبًا من العقود الزوجية.
فالأسرة هي نواة المجتمع، وأساسه، والمحضن التربوي للأبناء فاستقرارها استقرار للمجتمع كاملًا، فإذا كان لابد من قرار الطلاق، ونفذت كل وسائل الصلح والتوفيق، فلنا مع هذا القرار وقفات سريعة:
ما هو الطلاق الإيجابي الهادئ ؟
هو الانسحاب بهدوء من العلاقة الزوجية بلا ضرر، وبالاتفاق بين الزوجين اللذين يرسمان سيناريو الفرقة بينهما مع حفظ الفضل، وحسن العهد والمعروف لكلا الطرفين.
قال تعالى: (وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) عندها يجب أن تستحضر قول الحكيم الخبير: (فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ).
فهذه قاعدة ربانية يجب أن نلتزم بها ونعمل بمقتضاها، فيحسن إليها الزوج بأداء الحقوق وبحفظها في أولادها، ويحسن إليها بحفظ أسرارها، وستر مساوئها، وذكر فضائلها والعكس صحيح، والطلاق بالتراضي (الإيجابي) يعبر عن مقدار النضج للزوجين ومستوى رقيهما المعرفي، ووعيهما وحكمتها في المواقف والأحداث، عندها تتحول العلاقة الزوجية إلى شراكة والدية بين الطرفين من أجل أن ينعم الأبناء بالاستقرار، والهدوء النفسي، والاطمئنان الداخلي.
لذا على الوالدين أن يراعيا الجوانب الشرعية، والنفسية، والاجتماعية، والتربوية المترتبة على هذا الطلاق، وأهمها أمور الحضانة، والسكن، والنفقة.
فيتم ترتيب وضع الأبناء بشكل كامل ومفصل، حفاظًا على هذه الثمرة الجميلة التي خرجا بها من هذا الزواج فتوفر لهم الحب والحنان والرعاية بلا منغصات، وهناك للأسف بعض الأزواج المنفصلين يعتقدون أن أبناءهم لا يدركون حجم المشكلة الحاصلة بين الوالدين، وحقيقة هم يدركونها إدراكًا تامًا، ويتضررون ويتأذون فيفقدون بوصلة الأمان والاطمئنان؛ ولكي نصل إلى القرار (الانفصال الإيجابي) لا بد من مراعاة ثلاث خطوات مهمة:
1. الهدوء النفسي؛ حتى يتم اتخاذ القرار بكل سكينة وروية.
2. دور الخبير والمرشد الأسري؛ للمساعدة في وضع الحلول.
3. التفاهم حول كل ما يتعلق بالأبناء؛ فهم رأس مال شركة الزواج .

وأخيرًا؛ فإن الطلاق مهما كانت تبعاته سيئة ستكون أفضل من زواج فاشل ومشوه.
(وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ) وللحديث بقية…

Related Articles

One Comment

  1. تنظير رائع وتلخيص مفيد
    وقد ضمنه الله في كتابه بقوله جل من قائل(او تسريح باحسان)
    وقال سبحانه ولاتنسوا الفضل بينكم)
    نتى نرتقي لهذه اداطات والتوجيه الرباني
    كلامك ثواب اباصهيب ولاعطر بعد عروس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button