د. خالد محمد باطرفي

جدة.. ما ينقص العروس

أقوم بين الحين والآخر بترتيب جولات لإعلاميين أجانب وضيوف عرب على المعالم السياحية في مدينة جدة، وخاصة خلال الأجواء الربيعية أو الشتوية كالتي نشهدها هذه الأيام.

ولحسن الحظ، فالمدينة تقدمت كثيرًا على طريق التنمية والتحضر والبيئة المعيشية. فبعد عقود عانينا فيها من الزحام والتلوث ومشكلات الصرف الصحي وتصريف الأمطار، ومن الحفر والتكسير والتصحر، بدأنا في السنوات الخمس الأخيرة نقطف ثمار المشاريع الكبرى، خاصة منظومة الجسور والأنفاق والطرق السريعة، والكورنيش الشمالي، وحدائق الأحياء، ومساحات المشي والرياضة والترفيه.

وفي العامين الأخيرين، بدأت تظهر النتائج الإيجابية لمشاريع الصرف الصحي وتصريف الأمطار على جودة البنية التحتية، وقدرة المدينة على مواجهة المياه الجوفية والسيول والأمطار الموسمية، كما لاحظنا اهتمامًا ملموسًا بإصلاح الشوارع والأرصفة وأعمدة الإنارة وبيئة القيادة الآمنة، بتنظيم الطرق وتخطيط مساراتها، وتنصيب لوحاتها المرورية، وبناء جسور المشاة وممراتهم الآمنة، وإن كان ذلك لا يعفي المرور من أهمية التواجد في الطرق والميادين والمواقع التي تتطلب المراقبة، خاصة مع تنمر وتهور كثير من السائقين.

ولعل أبرز المشاريع الجديدة التي تستقبل الزائر: مطار الملك عبد العزيز الجديد، وشبكة المواصلات المرتبطة به، بما في ذلك محطة القطار، وشبكة الجسور والطرق السريعة المؤدية إليه، وطريق جدة-مكة الموازي، وأعمال التشجير والتجميل حول المنطقة.

كما لاحظنا اهتمامًا كبيرًا بالتجميل، ومواجهة التلوث البصري، ومن ذلك توحيد أشكال لوحات المحلات، وتنظيم إعلانات الطرق، ودهان العمائر المطلة على الشوارع الرئيسية، وتشجير الطرقات، وتجديد أعمدة الإضاءة باستخدام الطاقة الشمسية والمصابيح الموفرة للطاقة، وتجديد وتوحيد الشكل العام للطرق والمواقف والأرصفة.

وحظيت جدة القديمة ومنطقة البلد باهتمام خاص، فأعيد ترميم الكثير من البيوت الأثرية، وأعيد رصف وإنارة طرقاتها بلمسة تراثية، ونظمت عملية الدخول والخروج، ووفرت المواقف داخل وخارج المنطقة.

والأمل في العام الجديد إنهاء المشاريع غير المكتملة وبدء المشاريع الجديدة. ومن ذلك المستشفى التخصصي الجديد، وبرج جدة، وإيجاد حلول لتقاطعات رئيسية، كتقاطع حراء مع طريق المدينة، وتقاطع طريق الملك مع التحلية وصاري وحراء والسلام، وتحويل شارع الأمير سلطان وطريق المكرونة إلى طرق محورية سريعة، تخفف الضغط عن الطرق الموازية، وإذا كانت تكلفة الجسور والأنفاق مرتفعة، وعمر تنفيذها طويلًا، فإنني أقترح استخدام الجسور الحديدية التي أثبتت صلابتها ومرونتها في الرياض منذ أربعين عامًا أو يزيد.

كما ننتظر إنهاء طريق الملك سعود شمال أبحر، والحديقة الترفيهية المطلة عليه، والطرق الجديدة المرتبطة به، وطرق وجسور الحمدانية، وكورنيش أبحر والكورنيش الجنوبي، وتشجير كورنيش بحيرة الأربعين، وإيصال المياه والصرف الصحي لأحياء جدة الجديدة شمال أبحر، واستكمال نقل خطوط الطيران الأجنبية إلى المطار الجديد، وصيانة محطة القطار الرئيسية وعودة النشاط للخط قبل رمضان، وافتتاح قبة جدة للفعاليات شمال المطار قبل احتفالات العيد، وعودة المهرجانات والمعارض التجارية مع انتهاء إغلاق المنافذ والرحلات الدولية، وكذا استكمال مشاريع تصريف الأمطار، خاصة في الطرق الرئيسية الهامة.

وهناك اقتراحات أخرى، أرفعها لأمانة مدينة جدة ووزارة النقل. فبالنسبة للأمانة، ألفت نظر معالي الأمين صالح التركي، إلى مشكلة تكاد تصبح أزلية، وهي تغول العمائر على الشوارع بالاستيلاء على أرصفة المشاة وما بعدها، وعمل منحدرات أسفلتية تمتد أمتارًا داخل الطريق، علمًا بأن عرض الشوارع في الأحياء التي تحولت فيها الفلل إلى عمائر لا يتجاوز العشرة إلى الخمسة عشر مترًا! والبعض يستولي على الأرصفة بزراعتها بطريقة يتعذر معها المشي. ويزيد الطين بلة تلك المطبات الصناعية العشوائية التي ينفذها أصحاب المباني أمام عقاراتهم، والأخرى التي تضعها البلديات والمدارس والمستشفيات دون التزام بالمعايير المرورية المعتمدة.

كما لحظت تباطؤ أو توقف مشاريع حدائق الأحياء ومسارات المشي والتريض، ومن ذلك مسار مجرى السيل في نهايته الغربية (شارع الأمير محمد الفيصل)، وشرق شارع الملك فهد (الستين)، مع الحاجة الماسة إليها لتوفير مساحات كافية للترفيه والرياضة للأسر والأفراد.

ومن المشاكل الموروثة عدم إلزام أصحاب العمائر الإدارية والتجارية بتوفير مواقف كافية للزوار والمتسوقين، فضلًا عن العاملين. وهكذا، نجد أن أبراجًا في أكثر الطرق ازدحامًا مثل طريق المدينة، وشارع الأمير محمد بن عبد العزيز، وشارع الستين، وشارع فلسطين، وطريق الأمير ماجد، وطريق مكة، تخصص مواقفها السفلية للموظفين وتجبر غيرهم على الوقوف في شوارع الأحياء المحيطة، على حساب سلاسة الحركة المرورية ومواقف السكان.

وفي المقابل، هناك تشديد على أصحاب المحلات، يبدأ أو ينتهي بتطبيق عقوبات الإغلاق لأي مخالفة حتى ولو كانت تغيير اللوحة على حسب المعايير الجديدة، مع أن الوضع لا يحتمل مع ظروف كورونا وارتفاع تكلفة العمالة والتراخيص والوضع التجاري العام. وإغلاق المطاعم لأسباب إجرائية يوحي بأنها صحية، ويفقدها زبائنها بعد العودة. كما أتمنى إيجاد حلول لاستيعاب محاولات الشباب والأسر المنتجة لتحسين دخولهم بالبيع في البسطات، وتقديم السحلب والذرة والبليلة والشاي على الحطب في مناطق التنزه مع مراقبتها صحيًّا.

وبالنسبة لوزارة النقل، فمع الشكر والتقدير لإنجازاتها الكبيرة في الطرق المؤدية إلى جدة وحول المطار، نلفت النظر إلى أهمية توافر اللوحات الإرشادية التي تسمي الشوارع وتحدد الاتجاهات في بعض المواقع الهامة، مثل تقاطع طريق الحرمين مع طريق الأمير محمد بن عبد العزيز، وعلى الكوبري المؤدي لمطار جدة القديم “الصالة الجنوبية” وطريق المدينة، وفي مدخل جدة، وطريق الحرمين للقادم من طريق المدينة (بعد محطة الرحيلي).

كما نرجو حل تعثر مشاريع حيوية هامة، مثل الخط الدائري الثاني والثالث، والطريق المباشر من المطار إلى مكة المكرمة، واستكمال مشروع النقل العام الذي بدأ بالحافلات، وننتظر المراحل القادمة لتغطية كافة المناطق بالنقل الترددي والتاكسي البحري والتلفريك والمترو.

بشهادة زوار المدينة، وخاصة من الضيوف الأجانب، فإن جدة أصبحت عروسًا تستعد لحفل زفافها. لم يقصر أهلها في تزيينها، فالدولة ممثلة بالجهات المعنية، وخاصة الأمانة والنقل والطيران المدني والموانئ، والقطاع الخاص من مستثمرين وتجار، قدموا لها كل ما تحلم به عروس.. وأكثر. ولكن للحلم بقية، ولعلي كمواطن، أشارك بما لديَّ من ملاحظات ومقترحات بدوري في تحقيق ذلك. والدور عليك عزيزي القارئ، المواطن والمقيم، لتشارك بما لديك من تعليقات.

Related Articles

2 Comments

  1. السلام عليكم
    نسيت جنوب وشرق جدة اخي الكريم ونسيت عشوائياتها التي تعج بالمخالفات ونسيت زحمة طريق الحرمين واين الدائري الشرقي الذي له ١٠ سنوات ولم ينفذ ونسيت كورنيشها الجنوبي
    وصعوبة الوصول إليه وعدم الاهتمام به

  2. ما ينقص العروس..

    الطريق الدائري الثاني والأوسط، مشاريع مترو جدة (قطارات المترو، الحافلات، ترام الكورنيش، العبارات، جسر أبحر)، استكمال تطوير الواجهة البحرية للكورنيش الشمالي، مدينة جدة الاقتصادية وبرج المملكة، جدة داون تاون، تطوير خليج سلمان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button