د. عبدالله علي النهدي

مؤهل جامعي مع وقف التنفيذ!

الحصول على الشهادة الجامعية عامةً، والدراسات العليا على وجه الخصوص، ليس بالأمر السهل، أيًّا كان التخصص الذي يتم دراسته، وفي أي جامعة كان ذلك الأمر، فطالب العلم يبذل قصارى جهده بالإضافة إلى وقته وماله، ويكون الحمل عليه أكبر عندما لا يكون الشخص متفرغًا للدراسة، فهو يكافح من أجل القيام بمهامه الوظيفية تزامنًا مع دراسته، إضافة إلى أعباء حياته الأسرية والاجتماعية، يسهر الليالي ويشقى نهاره، لإنهاء دراسته، وفي ذات الوقت يحرص على أداء مهام وظيفته بكل فاعلية، كما يتولى القيام بمسؤولياته الأسرية والاجتماعية، راجيًا الارتقاء بنفسه وتحسين حياته الوظيفية وخدمة مجتمعه ووطنه بصورة أفضل، وبعد كل ذلك، أليس من حق هذا الشخص أن يحصل على التقدير الذي يستحق، وأقلها أن يحظى بالوظيفة التي تليق بدرجته العلمية؟ أليس من الأولى أن يستثمر هذا العلم في خدمة نفسه وأبناء وطنه؟ أليس من حق المجتهد الاستفادة من مؤهله الجامعي ماديًّا ومعنويًّا؟
أحد أبناء هذا الوطن كافح وجد واجتهد حتى حصل على شهادة الدكتوراة بتفوق من إحدى الجامعات العربية المرموقة والمعروفة، وكان محل تقدير واحترام أساتذته وزملائه في تلك الجامعة لانضباطه وتفوقه وحسن خلقه، فقد كان بالفعل نموذجًا مشرفًا، وبعد حصوله على شهادة الدكتوراة وعودته لأرض الوطن ومعادلة الشهادة من قبل وزارة التعليم، أراد أن يستفيد من شهادته ويقطف ثمرة صبره واجتهاده، فتقدم بطلب إلى جامعة سعودية للتدريس بها، لكن وبكل أسف تم رفض طلبه! إلى هنا ونقول ربما للجامعة عذرها، لكن الغريب أن صاحب هذه القصة، وبمحض الصدفة، قابل أحد زملائه في دراسة الدكتوراة من أبناء تلك الدولة العربية التي درس بها، حيث كانا يدرسان في نفس الجامعة وبنفس التخصص، وبعد السلام والترحيب به وسؤاله عن أحواله والغرض من قدومه للمملكة؛ كانت المفاجأة التي صعقت صاحبنا؛ حيث قال له زميله الوافد: لقد جاءني عرض من جامعتين سعوديتين فاخترت واحدة منهما! فلم يجد صاحبنا أمامه إلا أن هنأ زميله بحصوله على هذه الوظيفة في الجامعة التي رفضت توظيفه، وقال في نفسه: صحيح.. إن زامر الحي لا يطرب!

قصة أخرى لا تقل غرابة عن سابقتها، عن شخص يعمل أكاديميًّا، تقدم لدراسة الدكتوراة وهو على رأس العمل وبموافقة جهة عمله، وفي جامعة سعودية معروفة، وهي من أقدم وأعرق الجامعات السعودية والعربية، ودون أن يكلف جهة عمله ريالًا واحدًا، وأثناء دراسته لمرحلة الدكتوراة تم تغيير طبيعة تخصصه ونقله لقسم آخر للقيام بمهام جديدة تتعلق بالتخصص الجديد للاستفادة من دراسته في مرحلة الدكتوراة، وكان متحمسًا وسعيدًا بذلك، وبعد أن تخرج وحصل على شهادة الدكتوراة تقدم بالشهادة لجهة عمله للاستفادة منها وظيفيًّا ولتعديل مسمى وظيفته الحالي بناءً على المؤهل الجديد، ووفقًا للمهام التي يؤديها في القسم الذي تم نقله إليه، ولكن المفاجأة حدثت عندما تم رفض طلبه والتذرع بحجج واهية هي أقرب لـ”العبط” وإن شئت فقل (حسد، غطرسة، تعنت، حماقة… إلخ)، خاصة إذا عرفنا أن نفس الجهة يعمل بها متعاقدون من دول عربية ويحملون شهادة الدكتوراة في نفس التخصص، ومن جامعات عربية ربما تكون أقل كفاءة من الجامعات السعودية! بل إن من بين هؤلاء المتعاقدين ممن حصل على الشهادة من أحد المعاهد العربية وليس جامعة!! والأغرب من ذلك كله أن تعتمد نفس الجهة شهادة الدكتوراة لأحد المتعاقدين الذين يعملون بها بعد حصوله على الدكتوراة عن طريق الانتساب بإحدى جامعات بلده الأصلي وهو على رأس العمل في تلك الجهة، بينما نجدها تفننت في اختلاق أعذار عجيبة لرفض اعتماد مؤهل زامر الحي (صاحب القصة)؛ مما يؤكد صحة المثل القائل (عنز الشعيب تحب التيس الغريب)!

قصص كثيرة توضح معاناة أعداد كبيرة من حملة الشهادات الجامعية من أبناء هذا البلد الكريم، الذين عملوا على تأهيل أنفسهم وتطوير قدراتهم وخبراتهم دون أن يكلفوا الجهات التي يعملون بها أي تكاليف مادية أو غير مادية، وبدلًا من تحفيزهم، أو على أقل تقدير مساواتهم بزملائهم من الإخوة المتعاقدين، يتم تثبيط معنوياتهم، بل والتقليل من قيمة مخرجات الجامعات السعودية التي استطاعت الكثير منها وبحمد الله أن تكون من ضمن الجامعات المميزة عالميًّا، فقد حققت الجامعات السعودية في السنوات الأخيرة مستويات متقدمة في التصنيفات العالمية، وتفوقت على العديد من الجامعات في عدد من الدول العربية والأجنبية.

خاتمة:
دعاء: (ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا).

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button