بالأمس القريب وتحديدا صباح يوم الإثنين السابع والعشرين من شهر جماد الأول من عام 1442هـ فقدت المملكة العربية السعودية بوجه عام وجازان الأدب والإبداع على وجه التحديد علما من أعلام التربية والتعليم والثقافة والأدب فقدت الرجل الصابر المثابر المتفائل دائما الشاعر أحمد بن إبراهيم الحربي – يرحمه الله – الذي تصالح مع المرض العضال الذي عاش معه سنين طوال كان يضرب في هذا أروع الأمثلة في الاحتساب والصبر وعدم التشكي والجزع مما أصابه بل كانت الابتسامة لا تفارق محيّاه في كل الأحوال عندما تلتقيه أو تتواصل معه حتى وقت ما يشتد به المرض ويفاجئه بآلامه التي سكنت في أجزاء كثيرة من جسده إلا أنه كان مؤمنا بالقضاء يحمل همّة بكبر الجبال ومعنوية الأبطال بالرغم مما أصابه من الوهن بسبب هذا المرض الذي ارهق جسمه حتى أنني رأيت صورته مع الصديق الوفي الأديب إبراهيم طالع وقد بان على ملامح الصديق أحمد الحربي الإجهاد إلا أنه كان مع ذلك مبتسما نسأل الله أن يديم عليه رضوان الواحد الأحد المنّان في قبره إلى يوم البعث والنشور وأن يجعل ما نزل به رفعة له وكفارة من كل الذنوب وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنّة ويعوضه في حياته بالفردوس الأعلى من الجنّة ويعوض أبناءه وأسرته وذويه ومحبيه فيه خيرا ويتقبل من الجميع الدعاء له فقد كان صديق الجميع لا يختلف على محبته اثنان على مستوى المملكة والعالم العربي ممن عرفه في ساحات الأدب والثقافة والحضور البهي الذي كان يملأ به المكان والزمان في مشاركاته في الداخل والخارج فلديه سجل حافل بالعطاء إنه واسطة عقد لآلئ الأدب في جازان التي تفخر بعشرات المبدعين من الشعراء والروائيين والقاصين والمذيعين كما تفخر بموقعها وهي الحصن الحصين بوابة المملكة من جنوبها الذي يحتفظ بمكانته في الدفاع عن حياض الوطن ووقوف سكانها في وجه العدو الغاشم أذناب إيران المجوس .
الفقيد الصابر أحمد الحربي كان علما في منطقته وعلى مستوى المملكة ومستوى الخليج والعالم العربي من الماء إلى الماء كان مثالا يحتذى في الصبر على البلوى والصبر على الألم بسبب المرض الذي لازمه وفي كل لقاء به يعتبر ذلك محبة من الله وكان يؤمن بأن المرض رحمة وبه سيرتفع منازل لن يبلغها بغيره نشهد لك أبا أسامة بأنك كنت حسن الخلق مع الجميع وهذا ما أوصى به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي قال ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ” وكنت أبا أسامة من خيرة الذين يطبقون هذا التوجيه والتوجه قولا وعملا كنا نلتقي دائما بك في الداخل والخارج في المناسبات الوطنية والثقافية ومعارض الكتب الدولية وتشرفت ذات مرة بالقاهرة بتقديم أمسية لك حينها كنا نغبط بعضنا في لقاءاتنا الثنائية بما أصابنا ونتصبر بفضل التنافس بيننا على شكر الله على ما من به علينا من الابتلاء الذي اختارنا له محبة منه ومنّة علينا نسأله تعالى أن يجمعنا بك في مستقر رحمته وأن يجعل هذا المرض جسرنا القوي الذي نعبر على ظهره إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين الشاكرين الصابرين .
أبا أسامة أعلم أن المساحة المخصصة لمقالي الرثاء عنك لن تقرأه كما كنت في بعض مقالاتي التي تقرأها واعتز باطلاعك عليها وثنائك ولكن حسب من هذا أنني سأدعو لك كلما أتذكرك وستكون ذكراك عطرة لن تنسى وأعتذر لك وللقراء هنا بأن هذه المساحة لن توفيك حقك من لو استعرضت سجلك الحافل بالعطاء وسيرتك الذاتية التي تحمل العديد من المواقع التي تشرفت باسمك وتتوجت بجهودك وارتقت بمنجزاتك في مجالات كثيرة وعلى رأسها التربية والتعليم وخدمة الثقافة والمثقفين من خلال رئاستك للنادي الأدبي الثقافي بجازان وعضويتك فيه وفي النادي الأدبي بأبها سابقا نلت محبة الناس ونلت عدد من التكريمات التي تليق باسمك وتتشرف به قدمت للمكتبة العربية عدد لا يستهان به من دواوين الشعر العربي الفصيح الذي توجته بمجموعتك الشعرية الكاملة التي جمعت فيها عشرة دواوين في 700 صفحة وشاركت بها في معرض الكتاب الدولي بالقاهرة وتشرفت والزملاء الدكتور احمد قران والشاعر علي المنكوتة بأن نكون ضمن الذين حضروا تدشينها على منصة المعرض قبل خمس سنوات تقريبا والروايات والقصص منها ما هو مطبوع رصعت به جبين معرض الكتب الدولية ومنها ما هو دون الطبع سترى النور بجهود أبنائك البررة وجهود الساحة الثقافية بجازان من خلال النادي الأدبي نال عدد من الباحثين في الدراسات العليا درجاتهم العلمية حول شعرك الرصين داخل المملكة وخارجها شاركت في مهرجانات وأمسيات كثيرة وكنت في كل مشاركة علامة فارقة بالتميز مثلت المملكة في بعضها كنت تحب جازان حبك للهواء الذي كنت تتنفس وكنت صاحب سبق بأن وضعت لها شعارا بقولك ” جازان الفّل مشتى الكلّ ” تم تكريمك وقتها كتبت رأيك في الصحف المحلية الورقية منها والإلكترونية قدمت عدد من التراجم في مجالات الأدب داخل المملكة وعلى مستوى دول الخليج والدول العربية فضلا عن سيرتك العطرة في المجالات الاجتماعية وعضوياتك الحكومية والأهلية التي ستكون صفحة مقروءة مستقبلا متى ما انبرى لها أبناؤك وأخرجوا سفرا يضم ما كتب عنك قبل وبعد رحيلك يرحمك الله .
انعطاف قلم :
أرجو من أمانة جازان أن تحظى بتوجيه كريم من سمو أمير المنطقة صاحب المنجزات وصاحب الخلق الحسن سمو الأمير محمد بن ناصر بن عبد العزيز بأن يسمّى أحد ميادين جازان أو طرقها الداخلية باسم الشاعر أحمد الحربي كأقل واجب نذكر بهذا المبدع الأجيال من باب الوفاء لمسيرته وسيرته فهو يستحق هذا إلم يكن سبق له هذا من قبل .