كان الإعلام سابقًا يُعد السلطة الرابعة four state بعد السلطات الثلاث: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، ولكن الأحداث الأخيرة للانتخابات في الولايات المتحدة الأمريكية قلبت المعادلة، وقال الإعلام كلمته وزحزح السلطة التنفيذية من موقعها، واحتل مكانتها وأصبح السلطة الثانية second state بعد السلطة التشريعية، انظروا ما فعلته وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، تويتر، وفيس بك، وغيرها مع صاحب السلطة التنفيذية من حجب لحسابه وعدم السماح له بالتواصل مع أنصاره، وعدم نقل أغلب تصريحاته عن الانتخابات في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ووكالات الأنباء المشهورة، لقد أصاب الإعلام السلطة التنفيذية بشلل نصفي عطل تأثيرة في الداخل الأمريكي وأبقاه على حركة مع الخارج لارتباط مصالح العالم الوثيق بأمريكا، وقام الإعلام بأخذ دور السلطة التنفيذية في قيادة الرأي العام الأمريكي وتهدأته وتوجيهه، وهذا المؤشر يدل دلالة واضحة على أن الإعلام يمتلك سلطة قوية جدًّا ويستطيع أن يغير مجرى الأحداث ويضع طوقًا على السلطة التنفيذية في أنظمة تلك الدول إذا ما رأى أن الأمن القومي معرضًا للخطر، وعلى الرغم من أن السلطة التنفيذية منقسمة وخرج كثير من الموظفين فيها من مراكزهم وقدموا استقالاتهم، والسلطة التشريعية منقسمة أيضًا بين التأييد والمعارضة والحياد، والسلطة القضائية لم تقل كلمتها إلى الآن؛ إلا أن الإعلام حسم أمره وحافظ على مقومات الدولة وحفظها من الانهيار والفوضى، وسوف يستمر بنفس الإيقاع إلى أن تتسلم الإدارة الجديدة مقاليد الحكم في البيت الأبيض في العشرين من يناير، وفي هذا الموقف لا يسعنا إلا أن نرفع القبعة – بروتوكول أمريكي – احترامًا على ما قامت به وسائل الإعلام من دور حيال الأزمة الخانقة لنتائج الانتخابات وسارت وفقًا لنظرية المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام. هذه النظرية التي تفتقد إلى تطبيقها الكثير من دول العالم خاصة في مناطق الصراع، وبالتحديد محيطنا الإقليمي، فهناك أنظمة قامت ضمن أذرعتها الخبيثة بإثارة الفتنة وشق الصف والتحريض، رغم تجريم التشريعات الإعلامية الدولية لهذه الأعمال، وضربت عرض الحائط بنظرية المسؤولية الاجتماعية، واسبتدلتها بنظرية الغاب.
0