عبدالرحمن الأحمدي

تافِهٌ

يُثرثر هنا وهناك ليلَ نهارَ بعد أن كان حتَّى الأمسِ القريب نكرةً في مجتمعه المحيط فضلاً عن المجتمع الكبير، يَكتب جُمَلًا غيرَ مفهومةٍ وهي كثيرةٌ، وربَّما كتب ما يُفهم على نزْرٍ وقِلَّة. يتحدَّث في الدِّين تارةً؛ فتراه يشرح .. ومرَّة يوضِّح..ومرة يُعطِي الدَّليل، وهو في الأساس لا يُدرك مصطلح الواجب من المستحب ، ولا الجائز، ولا الحرام.. وأصلًا لا يَعنيه مفهومَ الحرام ولو عرف مفهومه لتذكَّر قولَ المولى عزَّ وجلَّ: “مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيْبٌ عَتَيْدٌ” ..ويتحدَّث في الاقتصاد تارةً ثانيةً .. وهو لا يعرِف الفرق بين تعريف الرُّكود والتَّقشُّف، ولا بين العجز والفائض، ولا العَرْض والطَّلب فالمهم كلُّ المهم عنده: أن يعرِضَ ما لديه من بضاعة رخيصة حتَّى ولو بثمنٍ بَخْسٍ. ويتحدَّث في السِّياسة تارةً ثالثة وهو لا يُميِّز بين معنى الديمقراطية ولاالدِّكتاتُوريَّة .. ولا بين مبدأ الصَّداقة والعداوة؛ فهو يشبه السِّياسة كثيرًا من حيثُ: يومًا يكون صديقًا قريبًا.. ويومًا يكون مُريبًا غريبًا فـالغاية لديه وفي كلِّ الأحوال تُبرِّرُ الوسيلةَ. وفي حقيقته لا مانع لديه من الحديث في جميع المجالات .. لا تَفْرِق معه المهم عنده: هو الوجود في كلِّ ممكِن، وغيرِ ممكِن في جميع الأوقات والمناسبات وِفقًا للموجود في جميع وسائل التَّواصل الاجتماعي، فالمسألة في النِّهاية مجَّانًا.. بمعنى: بلا رُسوم، أو على طريقة: أنْ ليس على الكلام جُمرك يُحتسب. أشْغله اللهُ بنفسه!!؛ فقد أشغلَنا بثرثرته. أشْغله اللهُ بنفسه!!؛ فقد أشغلَنا بتفاهته.

إنَّ من المؤلِم في مثل هذا الوقت المخِيف على العقول، والمحيِّر للأذهان – وزاد الأمر حيرةً وخوفًا الثَّورةَ غيرَ المسبوقة وخاصَّةً في وسائل الإعلام الجديد بظهور عيِّناتٍ غريبة من البشر، بِهم: من قِلَّة العلم ما الله به عليم .. وضحالةِ في الفكر ما هو أليم .. ورداءة في المحتوى ما هو سقيم، وسوء في الملفَظ عقيم، ودناءةٍ في الأسلوب تتصدَّر للأسف الآن المشهدَ الإنسانيَّ بقوَّة في قضايا هامَّةٍ تشمل جانب العلم .. والأدب .. والفكر .. وتمتدُّ حتَّى تصلَ لمختلفِ المناحي الاجتماعيَّة من أمور كان من الصَّعب الخوضُ فيها إلَّا لمن كان له الرَّأيُّ الصَّائب، والخبرةُ الكبيرة في الحياة، والتَّجرِبة العميقة، ولكن يبدو أنَّ لبعض الزَّمان تافهين، وسفهاء فرضوا بفعل فاعل معلوم أو حتَّى مجهول وكأنَّ المجتمعَ الحاليَّ خَلِىٌّ من أصحابِ العقول الرَّاجحة .. والبصائرِ النَّيِّرةِ .. والأفهامِ العظيمةِ.. فيالله العجب!! أيُّ شيء هذا ..؟ كيف انقلب الزَّمان!!؟ ما أعمى عينَ الهوى عن الهدى!! أين المبادئ الرَّاسخة؟ أين القيم الأصيلة؟ أين الوجوه الصَّادقة؟ فما يوجد في الواقع من تجاوزات مؤسِفة، وما يُلاحظُ من تصرُّفات مؤلِمة، وما يشاهد من تعديِّات مخجِلة تَسَبَّبَ ساقطٌ في الفِكر،وأجوفٌ

في الفهم، أو فاقدُ الحكمة.. والقائمة تطول وتطول جدًا .. ولا نقول لأنفُسِنا، ولا نهمسُ في ضمائرنا؛ إلَّا بقول عظيم: (لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) أما هو.. تافِهٌ حتَّى النُّخاع .. ولن يرتفع عن القاع.

Related Articles

One Comment

  1. اخي الكريم لاتستغرب في هذا الزمان أن تجد مثل هؤلاء …فهذا الزمان الذي تتكلم فيه الرويبضة ..وهو الشخص الحقير الذي كان لا كلمة له بين قومه …واصبح الان يتصدر المجالس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button