هناك فرقٌ بين التناقض وبين الخداع والمكر والكذب، قد تكون تناقضات أحدنا تُبنى على حسب الموقف أو الحالة التي أمامه دون أن ينوي غش الآخرين أو رغبةً منه في تغيير قناعاتهم، لكن إذا كان التصرف المناقض للقول هدفه محاولة الإضرار بالغير فهذا ما هو غير مقبول، ومن المفترض أن تنأى كل نفس عنه.
فقد ينصحك بعض الأشخاص بكُن صالحًا، وكُن طيبًا، وكُن متواضعًا، وعندما تخالطهم لا ترى الصلاح أو الطيبة أو التواضع، وفي حوارك مع آخرين تسمع المثالية في أمثل صورها، وعندما ترصد تصرفاتهم ترى العجب مما يفعلون، أين ما كانوا يقولون وما كانوا ينصحون به ؟!! ، أم هو من مبدأ إن لم تستطع فعل الخير فانصح به الغير.
ولكن عندما أسترجع بعض ما يُقال أحيانًا، وأُقارن المعنى المتناقض في العبارات التي نستخدمها، وأتساءل هل باب النجار مخلوع أم أعطي الخبز لخبازه؟! وهل الذي بعيد عن العين بعيد عن القلب؟ أم أنه إذا كنت بعيد حبك يزيد؟!، وهل في التأني السلامة وفي العجلة الندامة أم أن خير البر عاجلة؟!، وهل كلنا أولاد تسعه أم أن الناس مقامات؟!
هذه العِبارات تمر بنا ونسمعها بين الفينة والأُخرى، نستخدمها لوصف حالةٍ ما أو دليلًا للإقناع أو عذرًا لبعض تصرفاتنا، فنجد أنفسنا في مواقف مُعينة نُعجَبُ ببعضِها ونعارضُ بعضُها الآخر، وفي مواقف مختلفة نستشهدُ بما عارضناه يومًا، ونرفض ما أعجبنا.
ما أعجبنا !! .. عندما نكون متناقضين مع أنفسنا في أقوالنا وأفعالنا، فعندما يناقض الشخص نفسه في كلامه أو بين ما يقول وما يفعل؛ فإنه يسم في أذهان الناس انطباعًا سيئًا عنه وقد يفقدون الثقة فيه، ويرونه شخصًا بلا مبدأ أو منافقًا يُظهر ما لا يُبطن، ويقول ما لا يفعل.