عبدالرحمن الأحمدي

ويستفزونكْ بالتشوه البصري

أي تشوه بصري في المدن أو حتى في القرى تتحدث عنه الأمانات؟ أي تشوه بصري تفرض عليه الأمانات غرامات على المواطنين؟ أي تشوه بصري تراه الأمانات في ممتلكات الآخرين وتغض الطرف عنه في محيطها؟ من الظلم أنك تُعاقب الآخرين قبل أن تُقدم لهم الخدمة المتميزة في أحيائهم وممتلكاتهم، من الظلم أنك تحاسب الآخرين قبل أن تحاسب نفسك أولاً، من الظلم أنك تتلهف على العقوبات وتتناسى أنك أنت المتسبب الأول والأخير فيها. يا أمانات المدن من الأولى أنكم تُعطون ثم تأخذون، من الأولى أنكم تُساعدون قبل أن تُعيقون، من الأولى أنكم تُسعدون قبل أن تُتعسون، ومن الأولى، ومن الأولى، والأولى الشيء الكثير الذي أنتم تعلمونه وغيركم أيضاً يعلمونه. فأنتم تعلمون أن العديد من الخدمات المطلوبة لم تقدم ليس في الأحياء الراقية فحاشاها وحماها الله، ولكن في الأحياء الفقيرة أعانها الله. وأنتم تعلمون أن العديد من الشوارع نشأت بها أخاديد وليست حفر فقط بسبب الإهمال المتراكم ولكنكم تتجاهلون، وأيضاً تعلمون أن العديد من الأرصفة متصدعة ولكنكم تتغافلون، وتعلمون أن هناك من الإضاءات السيئة في الشوارع وخاصة الخلفية منها ولكنكم لا تسيرون إلا في أوقات بروز الشمس؛ حتى لاترون الحقيقة الساطعة.

والعجيب أنكم أنشأتم بسرعة فائقة جملة من الأيقونات الإلكترونية لعدد من رصد المخالفات البلدية عبر تطبيق سهل تنفيذه فهنا يعتقد أن التحصيل المالي أبدى وأهم.. وهي على سبيل المثال لا الحصر :”صيانة واجهة المباني السكنية والتجارية، الهبوطات في مسارات تصريف الأمطار، تقليم وتنسيق وزراعة الأشجار والورود في الشوارع الرئيسية والفرعية، المجسمات الجمالية، وغيرها من المخالفات المبتكرة..” ينفذه ويباركه موظف أو متطوع لا فرق بينهما فيما تبدو القذارة واضحة تحت قدميه ولكن لايلاحظها، وتمتد قذارة الشوارع بجواره ولكن لايعتني بها فكل مايراه ويعنيه رصد مخالفات مواطن أنهكه الوقت بالتزامات مختلفة مرهقة، لم نرحم ظروفه المؤلمة، ولم نرحم عمره المتقدم، ولا حاجاته الملحة فكان الله في عونه. عموماً تكاد تختفي هذه السرعة العجيبة أثناء تقديم الخدمة اللازمة للمواطن. وليت الأمانات تبادر بإطلاق برنامج رصد مخالفات التشوه البصري على البلديات الفرعية ومعاقبة الفرع المسؤول عن تلك المخالفات الملاحظة.

إن من المأمول من أمانات المدن إذا أرادت تطبيق برامجها مثل مايسمى حالياً ببرنامج مكافحة “التلوث البصري” وغيره من البرامج الماضية، والبرامج المستقبلية اللاحقة فعليها بالمستطاع إذا أرادت أن تُطاع، وقبل ذلك توفير الخدمات اللائقة من شوارع مثالية من الإتقان، والجمال، والنظافة، والإضاءة المناسبة، وسرعة إنجاز الخدمات في متطلبات المساكن، والميادين، وأن تتطلع إلى معرفة المزيد من برنامج “جودة الحياة” وتطبيقه أم هذا البرنامج لم تسمع عنه ولا يعنيها؟ مشكلة بعض المسؤولين تناسيه حين إصدار بعض القرارات الصادرة أنه يقطن في بيئة نموذجية ويعتقد أن كل البيئات الأخرى للكثير من المواطنين تشابه بيئته الفارهة، ولم يدرك أن اختلاف جمالية الأحياء شاسع كبعد الأرض عن السماء، فالمساكن النموذجية تكاد تُعد على أصابع اليد الواحدة في كل المدن بلا استثناء. فهل نرى في القريب العاجل من قبل عموم الأمانات البدء القيام بعمل تهيئة شاملة لجميع الأحياء وبلا استثناء، ومن ثم تستطيع حينها محاسبة تلك الأحياء على المخالفات البلدية دون أدنى عتاب..؟

Related Articles

5 Comments

  1. لافض فوك …ياليت هذا المقال يقرأونه امراء المناطق ومدراء البلديات …

  2. *في الصميم* كلام مكتوب بصوت كل مواطن اشكرك اخي الكاتب الكبير،،،?

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button