المقالات

عقوبات الخشوم

الفوارق بين المجتمعات الغربية، وبعض المجتمعات العربية تتضح في حالات الطوارئ القصوى، وما يتبع لها من تحذيرات، أو تعليمات، أو توجيهات فهناك يلتزمون، وهنا يتضايقون، وهذه فوارق وعي، وفوارق ثقافية، وفوارق عقلية لا يردعها إلا المشعاب فقط.
يقول أحد الدارسين في بريطانيا عندما كنت جالسًا مع الأسرة التي أسكن عندها، ظهر وزير الطاقة يُطالب من السكان ترشيد استهلاك الكهرباء فقام الأب فورًا بإغلاق جميع لمبات الإضاءة في المنزل، ولم يبقَ إلا إضاءة خافته في صالة الجلوس، واستمر الوضع هكذا طوال فترة دراستي في بريطانيا.
لدينا تصدر تعليمات، وتوجيهات عن مخاطر المخالطة، والمصافحة في ظل جائحة كورونا، واستمروا في غيهم، وهياطهم يعمهون، بل إن البعض يتضايق إذا ذكرته بالكمامة أو السجادة، وهناك من يخنفر، ويعنفر عندما يُطلب منه في المناسبات الاجتماعية التوقف عن المصافحة، والاكتفاء بإلقاء السلام والجلوس؛ حيث ينتهي به المجلس.
تم التدرج في التوجيه، والتوعية، والتحذير ثم اضطرت الجهات الرسمية لوضع عقوبات رادعة للمتهورين، ونجحت العقوبات في تخفيف درجة الجهل والفهلوة والعناد عند البعض، واستمر البعض في تجاوزاتهم رغم العقوبات المعلنة.
الآن بدأ العالم الاحترازات الفعلية مع بداية الموجة الثانية لفايروس كورونا، وبدأت حملة التوعية بقيادة وزير الصحة الذي أعلنها صريحة عن عودة التدرج النسبي لعدد الحالات بشكلٍ مقلقٍ، وبدأت تلوح في الأفق ملامح كارثة إنسانية بسبب عناد، وجهل الفئة التي تصر على المخالطة، وتصر على المصافحة والتقبيل، ويبدو أن الحل في إصدار عقوبات على “حب الخشوم” التي تخلط الأنفاس المريضة بطريقة همجية لا يردعها إلا عقوبات مالية عالية أو مشعاب القانون الذي يصخهم على مناخرهم التي سيكبون عليها إذا تسببوا في وفيات أو أضرار لأسرهم ومعارفهم.
نريد عقوبات على المصافحة، وحب الخشوم، وعقوبات على هياط عناد الجهل، أما عقوبة الكمامات والسجادات فتطبيقها جزئي بل نادرًا في الجوامع، ولا نعلم أين الخلل في تطبيق العقوبات المعلنة؟ نريد تأجيل المصافحة، والقبلات، وبعد الجائحة، والعودة للحياة الطبيعية تلابقوا.
• بالأمس الاختلاط هو الغاية، واليوم الافتراق هو الوقاية.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button