عندما نقرأ عنوان هذا المقال يتبادر إلى الذهن العبارة الشهيرة (إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب)، وهي حكمةٌ بالغة تُكْتَب فعلًا بماء الذهب، ولكن !
لكن ذلك لا يمنع صاحب الحاجة عن الكلام من أجل تحقيق طلبه، مع عدم تجاوز حدود المعقول في المطالبة، وإنما البحث عن أقصر الطرق، وأسهلها للوصول إلى قلب المُخَاطب، وبالتالي تحريك عقله وعواطفه تجاه ما نحتاج ومانريد دون فوضى مقيتة أو تصرفات مُسيئة.
موسى -عليه الصلاة والسلام- عندما أرسله الله وأخوه هارون إلى فرعون ملك مصر وديكتاتورها قال لهما : ((فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ)).
وكذلك الحال في دعوة جميع رسل الله إلى أقوامهم كانت بالحكمة والموعظة الحسنة.
لذلك كان لزامًا التلطف في القول والفعل، وذِكر المحاسن قبل تقديم الطلبات، والبعد عن التجريح أو انتقاص الآخرين، وإعطاء كل ذي قدرٍ قدره، وكما قيل (لكل مقام مقال).
هناك أشخاص يلتزمون الصمت عندما تكون الفرصة مواتية للكلام ثم يتذمرون إذا لم ينالوا نصيبهم أسوة بغيرهم من المتحدثين!!
وهل المسؤول يعلم ما في نفسك حتى يحقق لك طلبك؟!
أو كان لزامًا عليه أن يعطيك فرصة للتحدث إذا لم ترغب بذلك ؟!
لذلك فإنه من الطبيعي التعبير عن ما في نفسك بكل شفافية ووضوح فيما ترى أنه يعد تحقيقًا لمصلحة عامة يستفيد منها الجميع أو مصلحة خاصة لا تتعارض مع مصالح الآخرين.
ومع احترامي للرأي والرأي الآخر إلا أنني لست ممن يعتبر التلطف مع المسؤول أو المخاطب أياً كان تَسَوُّلًا !! أيعقل أن يكون التحلي بمكارم الأخلاق ضعفًا؟! كلا والله، إنما هي فطرة سليمة فطر الله الناس عليها.
ولايخفى على الجميع أن الثورة المعلوماتية التي نعيشها والرؤية الطموحة التي نواكبها ساهمت في تحقيق الكثير من المطالب دون الحاجة إلى الكلام، بل الاستعاضة بالبدائل المشروعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي المتاحة بعيدًا عن التجريح، والتشهير، والغمز، واللمز، والأسماء المستعارة مع الالتزام بالقيم والأخلاقيات العالية التي أشرنا لها في بداية المقال.
وقد لمسنا أثر التقنية واضحًا جليًا في توصيل الرسالة لكل مسؤول رغم جائحة كورونا التي لا زلنا نعاني من آثارها لولا لطف الله ثم ما تهيأ لنا من منصات وتطبيقات ساهمت في تخفيف التبعات، وقضاء الحاجيات وتحقيق المتطلبات.