شهدت أنظمة التعليم في العالم اضطرابًا غير مسبوق بفعل جائحة كورونا، فأغلقت معظم مدارس وجامعات العالم أبوابها أمام أكثر من 1.5 مليار متعلم، أي ما يزيد على %90 من إجمالي المتعلمين؛ وذلك بحسب أرقام حديثة صادرة عن معهد اليونيسكو للإحصاء, الأمر الذي عجّل باستخدام البرامج التقنية والاتصالية المساعدة على استمرار العملية التعليمية؛ وفق الإجراءات الاحترازية والوقائية مُطبّقة للتباعد الجسدي بين الطلاب ومُحققة للتواصل الاجتماعي الافتراضي عبر التطبيقات التعليمية, ومن هذه التطبيقات الحديثة والبديلة والتي تم تطبيقها وأثبتت نجاحها خلال هذه الجائحة هو تطبيق “البلاك بورد”؛ وهو عبارة عن نظام معلوماتي لإدارة التعليم على الشبكة العنكبوتية في الجامعات السعودية, يقوم هذا النظام بمتابعة الطلبة ومراقبة الكفاءة العلمية في المؤسسة التعليمية, كما يتيح لهم أدوات متنوعة للاطلاع على محتوى المادة العلمية للمقرر والتفاعل معها, والتواصل مع أساتذة المقررات من خلال إنشاء الفصول الافتراضية بالتطبيق, والاجتماع بداخله من خلال أسمائهم وأرقامهم الجامعية, ومن ناحية أخرى يدعم النظام الملفات، وبصيغ مُختلفة كملفات برنامج ( MS Word) وصيغة ملفات (PDF) للنشر الإلكتروني، وتبادل الملفات عبر الشبكة, كما يتيح للمعلم من تصميم نماذج متعددة ومختلفة للاختبارات, هذه بعض الخدمات التي يقدمها هذا التطبيق المتميز, والذي كان يتوجب على مُستخدميه أن يكونوا مُلمين ومُتقنين له, خلال فترة وجيزة دون أن يكون هناك حضور شخصي لدورات تدريبية أو ورش عمل, إنما كان من خلال استخدام تطبيقات الإعلام الجديد؛ وذلك بنشر فيديوهات تعليمية وتوضيحية في شرح آلية التعامل مع هذا النظام وطريقة الاستفادة من خدماته التي يُقدمها عبر التطبيق الشهير “اليوتيوب”, وهذا ما تحقق خلال هذه الفترة الاستثنائية, الأمر الذي يُثبت للجميع بمدى التقدم التنموي للعملية التعليمية المجتمعية الموجودة بالمجتمع السعودي, فمسألة التعلم الذاتي المُعتمد اعتمادًا شاملًا على التقنية الاتصالية والمعلوماتية هو من الأمور المبرهنة لمدى التقدم التنموي والفكري والتقني والثقافي، والذي لا يحصل سوى في المجتمعات المتطورة, هذه كانت قراءة سريعة للأمور التي حدثت في الفترة الماضية؛ لكن عند الحديث ومحاولة التنبؤ بالمستقبل القريب هناك الكثير من الأمور التي تستوجب التحليل والتفكير, فالتغير الذي حصل في الدور الوظيفي لهذا النظام التقني من كونه بديلًا إلى أساسٍ للحصول على المادة التعليمية, يطرح أسئلة كثيرة في أذهان وعقول المستخدمين لهذه الأنظمة, فمن ضمن الأسئلة والتحديات المطروحة هو كيف التوجه القادم حول هذه النظام التقني ؟ وهل سيعود لدوره الرئيسي والذي صُنع من أجله كبديل في العملية التعليمية بعد توفر اللقاحات وانتهاء الأزمة ؟, ما هي الطريقة المثلى للاستفادة من هذه النظام التقني دون أن يكون هناك إخلال بالحضور الشخصي للقاعات التدريسية بالجامعة ؟, فجميعنا مُدركون بأهمية استخدام هذا التطبيق في العملية التعليمية؛ لكن لن تكون أهميته أكثر من تواجد الطلاب شخصيًا في القاعات الدراسية بالجامعات, وهذا ما اتفق عليه أغلب الأعضاء من مختلف الجامعات السعودية, وهذا ما يدعوني لسؤالٍ آخر هل كان من الممكن أن يتم استخدام هذه التطبيقات التعليمية الافتراضية في يوم ما قبل كورونا ؟, أم كورونا هي التي فرضت وعدلت من سرعة استخدامها, أخيرًا أتمنى وأرجو أن يتم الاستفادة من النظام التقني؛ وذلك بمراجعة بعض المقررات التدريسية الموجودة فعليًا، والتي تعتمد على التقنية في توصيفها, أو أن يتم استحداث مقررات تدريسية تقنية جديدة ويكون التدريس من خلال نظام “البلاك بورد”, وبذلك يكون قد حققنا الغاية الأساسية للتنمية التعليمية، وهي مواكبة كل تقنيات الوسائل والبرامج التعليمية التقليدية والتقنية بتوظيفها وتطبيقها في العملية التعليمية, وهذا ما قد حرصت على تنفيذه وتطبيقه بعض الجامعات السعودية من خلال اعتماد نظام “البلاك بورد” كطريقة، وأسلوب، ومنهج تعليمي في الفصول الصيفية حتى بعد انتهاء الأزمة.
0