المقالات

ملاكٌ بشريٌ

“المرأة مخلوق بين البشر والملائكة” هكذا وصفها الروائي الفرنسي أونوريه دي بلزاك، ويختصر مؤسس الفلسفة الغربية سقراط بأن “المرأة هي مصدر كل شيء”، ولازالت نواضح العقول، ومداد الكتاب تلهج بقريب من هذا؛ لتفسر عمق تلك الروح في هذا الخليط المتناسق.
لم يبالغ سقراط، وكان أكثر وضوحًا على غير عادته، كما ألهمنا يلزاك بطريق أو بآخر إلى تفسير سمو تلك الروح، وعلو تلك النفس في ظل بشريتيها، وما تصنعه مما يعجز البشر صنيعة بعضه.
تذيبك الدهشة حينًا في بعض المواقف والكثير من الأحداث، ولا تجد تفسيرًا تستأنس به النفس إلا أن المرأة كائن بشري بروح سماوية، وسماء نزلت من جنات السماء إن جاز التعبير، وهذا أقرب تأويل يمكن أن تنزع به فتيل الغرابة المدهش.
تحب الأم طفلها، وكذلك الأب، وبين الحبين ما يعجز الفلاسفة ويرهق الكتاب، وتدخل في عالم المقارنة، ومحاولة تفكيك الرمز، وحل المشكل، لتأتي “خصوصية” تلك الروح فتزيل ذلك الإشكال.
لن تجد المغفرة المطلقة مثلًا في مقام البشر إلا في مكان واحد، ويتعذّر هذا المكان أن يُستنسخ، والسؤال لك هنا، هل تعرف هذا المكان في غير قلب أمك؟
سأجيب عنك هذه المرة بــ”لا”، بل وبعدمية الاستنساخ كذلك، وهذا مما خُصّت به دون غيرها في نظري.
نعم… خُلقتْ من بعض الرجل لتُصبح أمه، وصُنعت من ضلعه لتصنعهُ كُلّه، وليس عجيبًا أن تكون مصدر كل شيء كما حكى سقراط، وكل ما قيل هو لي قبل أن يكون لك، وبمثابة تحليل تلك الروح أو محاولة تحليلها، وإدراك تلك القيمة الفريدة لتلك البشرية الملائكية.
أزعم أن المرأة لا تحتاج كثيرًا إلى ذلك المديح الممجوج، وما يجرُّ إليه من قطبية منكرة، ولن تحتاج كذلك للرد على الفلسفة القديمة وما بعدها وما جاهر به أولئك الرواد – أفلاطون، وجان جاك روسو، ونيتشة، وكانط، والكثير ممن تجاهل ذلك الكيان على الجملة، بل تحتاج إلى الإيمان والإيمان فقط.
تحتاج المرأة أن تؤمن بها لتؤمن هي بذاتها، وأن تؤمن بذاتها لتؤمن أنت بها، وهذا كفيلٌ بصنع الفارق في خطوات بسيطة وجهد أقل.
نعم كل ميسرٌ لما خلق له ولكن، تأكد أنه لست أنا من يحدد ما خلق لي وما خلق لها، بل متى أدركنا قيمة الجهد وتوافق الخطوة فحينها يمكن أن ندرك ما خلقتُ له، وما خلقت هي له.
الكثير ممن شرح نشاط المرأة وعدّد إنجازها، ولا أرغب التكرار، ولكن إشارة أخيرة، وعدسة تكبير واحدة فقط على العمل التطوعي على سبيل المثال، فربما ستندهش من غزارة الجهد وكريم الناتج الذي أفرزته أيدي المرأة، وهذا ما سقطت عليه العين دون بحث أوطلب.
ختامًا……….. لن تراني، ولكن انظر إلى الجبل، والجبل هو أنت، وهو، وهي، وكل حصيلة تستحق الإطراء لتلك المرأة.
رياض عبدالله

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button