استخدم الإنسان الإعلام كسلاحٍ منذ القدم، وفي العصر الجاهلي كانت العرب تستخدم الشعر كوسيلة إعلامية ضاربة، وكانت تقول عنه الشعر ديوان العرب، وكانت القبيلة تقيم الأفراح، وتنحر الجذور إذا خرج فيها شاعر، وكان بيت من الشعر يرفع اسم القبيلة وبيت يخفضه كما في بيت الحطيئة حين مدح قبيلة أنف الناقة، وكانوا يستحيون من هذا الاسم ببيته الشهير:
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم
فهل يسوى بأنف الناقة الذنب
فأصبح الواحد منهم يرفع صوته حين يُسأل ممن الرجل فيقول من أنف الناقة، وبيت جرير الذي حط من قبيلة أخرى حين قال هاجئًا:
فغض الطرف أنك من نمير فلا كعبا بلغت ولا كلابا
وقد استخدم رسولنا -صلى الله عليه وسلم- هذا السلاح في حربه مع قريش حين قال لحسان بن ثابت -رضي الله عنه- اهجهم وروح القدس معك، وقال له فوالذي نفسي بيده أنه لأشد عليهم من وقع النبل، ومن قصائده -رضي الله عنه- الحربية العصماء:
عدمنا خيلنا ان لم تروها تثير النقع موعدها كداء
إلى أن قال:
أتهجوه ولست له بكفء فشركما لخيركما فداء
ومع تطور وسائل الإعلام تطور استخدامه؛ حيث استخدم هتلر الإذاعة كوسيلة دعاية للنازية، وتجييش الألمان؛ لتسعير الحرب العالمية الثانية، وظل هذا الاستخدام يتطور بتطور وسائله إلى ثورة وسائل التواصل الاجتماعي الحالية التي استخدمت في ثورات الربيع العربي بعددٍ من الدول العربية.
وقد أشعل صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن مساعد آل سعود في لقاء تلفزيوني وسائل التواصل الاجتماعي بما ذكره عن قصور الإعلام السعودي خارجيًّا في أداء واجبه، ونقل صورة المملكة للعالم خاصة لأمريكا وأوروبا، وأنا أضيف الصين التي زرتها في بداية العام 2018م، وشاهدت ذلك بأم عيني والصين بمكانتها وثقلها السياسي، وأنها الثانية بعد أمريكا إلا أن الإعلام السعودي فيها لا يكاد يوجد فيما وجدت الإعلام الإيراني حاضرًا، وبقوة ووجدت قناة الجزيرة تبث باللغة الصينية هناك. الأمر الذي لا يُعد أمرًا مقبولًا من دولة بحجم السعودية، ولا يكون لها إعلام قوي ولسان عالٍ ينافح عنها، ويجلي الحقائق.
ولا يختلف اثنان على أهمية الإعلام؛ خاصة في وقتنا الحاضر بعد أن تكالب على بلادنا الأعداء وأصبح العالم ساحة مفتوحة للتنافس والصراع بفضل ثورة الاتصالات وتقنية المعلومات، وأصبح فيها قويًّا من يستطيع أن يسوق نفسه، ويفرض أفكاره، وأهدافه، ومبادئه، وليس شرطًا أن تكون هي الأفضل أو أنه يملك الأحسن، ولكنها سلطة الهيمنة الإعلامية الطاغية، وللأسف لا سبب واضح لضعف الإعلام السعودي في الخارج، وهو يمتلك كل مقومات القوة ابتداءً من عقيدة صحيحة للدولة راسخة في الدقة والصفا (مقارنة بعقيدة الشيعة التي تتبناها إيران، وتصدرها على أنها الإسلام) وموارد مالية، وبشرية ضخمة وإرادة سياسية نافذة؛ إضافة لوجود رؤية طموحة.
وبعيدًا عن الخوض في أي الإعلام أهم القديم الذي هو الصحافة، والإذاعة والتلفزيون أم الجديد بكل مكوناته.
وبعيدًا عن الخوض هل الإعلام ناقل أم صانع للحدث، وبعيدًا عن أي شيء آخر؛ فإن الوقت قد حان لإعداد استراتيجية إعلامية للمملكة خاصة تعمل على:-
1- التركيز على الإعلام الخارجي مع عدم إهمال الداخل لظروف المرحلة.
2- أخذ زمام المبادرة في العمل، وليس ردات الأفعال.
3- تصنع الحدث، وتنقله، وتوصله للعالم كله.
4- قادرة على خلق إعلام مضاد يعرى الأباطيل، ويكشف الحقائق.
5- قادرة على نقل المواقف السياسية، والاقتصادية، والعسكرية للمملكة، والتأثير في الإعلام العالمي، وأن تكون مصدرًا موثوقًا يعتمد عليه في حصول الغير على المعلومة الصحيحة عن المملكة.
6- تساهم في تمسك الشعب بعقيدته، وعاداته، وتقاليده، ووطنيته (تعظم الولاء لله ثم المليك والوطن).