المقالات

ليس كمثله يوم

في كل سنة من شهر مارس (أذار)، وتحديدًا في يوم الحادي والعشرين منه يحتفل العالم العربي والإسلامي بعيد الأم، كيف لا، وهي التي ضحت بالكثير من أجل تربيتنا، والاهتمام بنا في سبيل الوصول إلى أعلى وأفضل المراتب التي لطالما تمنتها لنا، وكذلك قد أوصى بها النبي- صلى الله عليه وسلم- عندما أتاه رجل فسأله: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي(قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك)، فتكرار الأم هنا ثلاث مرات يدل على عظم فضلها ومنزلتها عند الله عز وجل، وأنها مقدمة في البر على الأب وحقوقها على أبنائها أكثر، وقد جعل سبحانه وتعالى الجنة تحت قدميها، فنسأل الله أن يحفظ لنا أمهاتنا، وأن يديم عليهن الصحة والعافية، وأن يكرمنا الجنة ببرهن. ومن الجدير بالذكر ينبغي معرفة أبرز الحقوق والواجبات تجاه هؤلاء الأمهات علينا. فمن أبرز هذه الحقوق هي: حبها وتوقيرها في النفس والقلب ما استطاع لأنها أحق الناس بحسن صحبته. فهي التي جعلت بطنها لك وعاءً وثديها لك سقاءً؛ فحبها لازم ولا بد، والفطرة تدعو إليه، بل إن حب الأولاد لأمهاتهم، وحب الأمهات لأولادها هي فطرة قد فطر الله عليها البهائم والدواب، فبنو البشر أولى بذلك والمسلمون أولى بذلك كله. الرعاية والقيام على شؤونها إن احتاجت إلى ذلك بل إن هذا دين في عنق ولدها. عدم الأذية وإسماعها ما تكره من القول أو الفعل. النفقة عليها إن اعوزت، ولم يكن لها زوج ينفق عليها أو كان زوجها معسرًا بل إن النفقة عليها وإطعامها عند الصالحين أحب إليهم من أن يطعمو أبناءهم. الطاعة والائتمار بأمرها إن أمرت بمعروف، إما إن أمرت بشر كالشرك: فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. أما بعد موتها فيسن قضاء ما عليها من كفارات والتصدق عنها والحج أو الاعتمار عنها. أما بالنسبة للواجبات فهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام: واجبات مادية تعنى بالأموال، وواجبات أخرى معنوية، وواجبات بعد رحيل الأم إلى جوار ربها، وهي على النحو التالي: الواجب والإحسان المادي ويشمل: الإنفاق عليها وتقديم المساعدة المالية لها، وسد الحاجات التي تحتاجها الأم، إن كانت محتاجةً لذلك. تقديم الهدايا لها عرفانًا على ما قدمته طوال حياتها. قيام الأبناء بالتيسير على أمهم، وإحضار ما تحتاجه، وما تحبه، وإن لم تكن بحاجة إلى ذلك. الواجب والإحسان المعنوي، ومن صور البر به ما يأتي: أن يقوم الأبناء بتوفير سبل التعليم لوالدتهم؛ خاصةً إذا فاتتها فرصة التعليم في الماضي. أن يكون الأبناء قدوةً صالحين في مجتمعاتهم، يظهرون الصورة الحسنة الأخلاقية التي تربوا عليها، مما يؤدي إلى سعادة الأم، وراحة قلبها بأن أولادها سيرتهم حسنة مع من يتعاملون، فيدعو الناس للأم التي أحسنت تربيتهم، وأظهرت للمجتمع تلك الفئة الطيبة. أن يحاول الأبناء أن يقوموا بسداد أي دين مترتب على أمهم، ومساعدتها على قضائه وسداده. أن يعين الأبناء والدتهم خاصةً عندما تكبر في العمر على أن تؤدي ما أمرها الله تعالى به من فرائض وعبادات. أن يساعد الأبناء أمهم في أن تصل أرحامها، وتطمئن عليهم. أن يطيع الأبناء والدتهم، حينما يكونوا صغارًا وحينما يكبرون، ففي الصغر الأم على دراية بحال أطفالها، واحتياجاتهم، والأنسب لهم، أما عندما يكبر الأولاد فعليهم أخذ النصح والإرشادات من أمهم، والحرص على توجيهاتها، وطاعتها في كل ما تأمر به، إن كان في طاعة الله فقط، أما إن كان في معصية فعليهم أن يخالفوا ذلك. أن يصبر الأبناء على والدتهم في حال غضبها، وأن يتصفوا بالحلم والأناة. أن يحسن مجالستها فيستمع الابن إلى أقوالها، ولا ينشغل عنها، ويعطيها الابن من وقته. كف أي أذى يمكن أن يلحق بالأم، ودفعه عنها. واجب الأبناء تجاه أمهم بعد انقضاء عمرها، وهي كما يلي:
• المداومة على إخراج الصدقات عن روحها.
• المحافظة على صلة أرحامها وأقربائها، والاطمئنان عليهم.
• قضاء الديون التي في ذمتها، إن كان لها دين.
• التوجه إلى الله تعالى دائما بالدعاء لها أن يغفر لها ذنوبها، ويرحمها، ويدخلها الجنة، وسائر الأدعية.
وفي آخر المقال بقي القول بأن الأم لا تحتاج بأن يكون هناك يوم خاص بها يتم الاحتفال فيه، فكل يوم بالنسبة لنا يُعتبر بمثابة فرحة العيد والمكسب بوجودها حولنا وقربها منا، وبقاؤها إلى جانبنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى