في واقع الأمر من الصعوبة تدوين سيرة جيل؛ إلا أن الأحداث التاريخية قد ترسم سيرة جيل وتصف حاله، وطريقة تفكيره، وتعامله مع محيطه، وليس بالضرورة أن يكون ذلك الجيل في تفكيره إلا جيلًا متأثرًا بالمؤثرات الداخلية والخارجية فتلك تؤثر في وجدانه وتصرفاته؛ وذلك حين يكون هناك توجه وخطاب عام.
اليوم نرى الحديث يكثر حول سنوات مضت تقدر بأكثر من ثلاثين، وقد تزيد من حياة أبناء الوطن يرون في تلك السنوات نتوءًا، وعلامات استفهام حول تفكير ذلك الجيل.
لا أحد يغفل المؤثرات الخارجية التي تفرض توجهًا معينًا، ولا أحد يستطيع أن يغفل معتقدات دينية وظفت كردة فعل مواجهة لتحديات لها قوة خطابها، وتأثيرها؛ ولنكن أكثر شفافية وواقعية وعقلانية؛ ولنعترف نحن ذلك الجيل إنما نحن صناعة خطاب ساد في فترات عصيبة، وتحديات مؤثرة أوجب أن يكون لوطننا في تلك الفترة خطاب تعوبي يواجه خطابات مؤثرة خارجية؛ فكان الإعلام، والتعليم، والمنابر الأخرى هي من صنعت ذلك الجيل وطريقة تفكيره، ووجدانه، فمن يستطيع إنكار الشريط الإسلامي بأنواعه، والذي كان يمرر إلى المدارس عن الحروب التي واجهت الأمة الإسلامية في أفغانستان، والشيشان، وألبانيا من قوى ذات سطوة ونفوذ، بهذا كان يُشكل عقل ذلك الجيل تجاه أمته الإسلامية، متزامنة تلك الأحداث مع ظهور الصحوة الإسلامية والتي كانت خطابا له مبرراته وضرورته يواجه تحديات جسام منها ماسبق آنفًا من حروب ضد بلدان إسلامية، وكذلك لوجود تحديات أخرى منها المد القومي والذي له أحزاب مؤثرة، وتمكنت من إسقاط أنظمة عربية ملكية مثل: مصر، والعراق، وليبيا، واليمن، وكلها تحمل فكرًا قوميًّا ذا مسحة اشتراكية إلحاق صفة الرجعية بتلك الأنظمة العربية الملكية.
وبما أن المملكة العربية السعودية دولة إسلامية، وبأراضيها المقدسات الإسلامية كان لازمًا عليها أن تواجه تلك التحديات بخطاب يناسب لمكانتها فكان الخطاب الإسلامي هو الأقوى، وبه استطاعت مواجهة تلك التحديات الخارجية التي أثرت في كيانات دول كان لها قوتها في السابق.
ولقد أسست المملكة العربية السعودية منظمات، وهيئات إسلامية تحمل هم الإسلام والمسلمين تواجه بها التحديات الجسام.
الصحوة كانت خطابًا له ضرورته ومبرراته؛ لنعترف بأن هذا التيار الصحوي اُخترق من جماعة الإخوان من جهة، وكذلك إبراز بعض المؤلفات القديمة، والتي بها تشدد لا يناسب العصر والتعامل معه، ولا أحد يستطع إنكار ترك الدعوة وتشكيل وعي الشباب الديني لمجموعات تفتقد للفقه، وكثير منهم شبان مندفعون، وكثير منهم حديث توبة، وكلنا عاصر المخيمات الدعوية، ومنهم الذين كانوا يقومون بالدعوة والتوجيه.
اليوم نمر بمرحلة جديدة مرحلة تحول، ومرحلة أمامها تحديات جديدة مختلفة يجب علينا رسم خطاب جديد مختلف يواجه به التحديات والمؤثرات الداخلية، والخارجية.