سيد البيد، الشاعر (محمد الثبيتي) يقول متباهيًّا ببداوته:
“أنا بدويُّ…بدويٌّ ليس بانتمائي فقط، ولكن.. أنا البدويُّ صانع الثروة، صانع القصيدة الحديثة”.
والبداوة لم تلغِ عنه، أو تنأى به عن التطور كحتمية “أنا مثال جيد لهذه الحتمية، حتمية التطور”.
شاعر يعتزُّ ببدواته، ويتغنى بإرثها، وتراثها، هو امتداد لها، وهي جذور يتكئ عليها؛ اعتزازه ببداوته، وانتمائه البدوي جعله يحمل إرثها على كتفه رملًا، يحتضنها في كنفه، وفي عباءاته عبيرًا، وفي قدميه شقوقًا، وعلى شفتيه ابتسامة عطشى، تعلقتْ به الصحراء، فتبعته، والرّمال تشبثت به، فانبرت بين خطواته أحرفًا.
هذا البدوي الممتشق قامته في ضجيج المدينة “نزع هذه الصورة، ليضع صورةً جديدةً، صورة البدوي المرتبط بأرضه، ووطنه”.
انتماءٌ واعتزاز، فخرٌ وإباء، جعل من البدويّ “رمزًا مشّى ترابَنا داخل أوردتنا، وأن تحمل جباهنا الصحراء، وأصابعنا قناديل السماء..
البدويُّ رمزٌ لنا جميعاً”
هذا البدويُّ “يتطوّر، لكنه لا ينسى أنه كان يحمل مشعلَ الصحراء”
البدويُّ الذي جعل من الصحراء أغنيةً وقصيدة، لأنها تعيش بداخله، فهو يتمثّل شخصية البدويّ النموذجيّ، “الذي يعي أنه يعيش عصرًا مليئًا بالتناقضات، مليئًا بكل إفرازات الحركات، الثقافية والفلسفية، والفكرية”.
هذا البدويّ الذي “يعي أنه موجود داخل هذا الحصار”.
تعددت الآفاق أمام ناظريه، فانبرى لها بوعيه، وخرج من تلك الصحراء” التي لم تعطهِ في الماضي سوى أفق واحد، هو الصحراء”؛
فألبس البداوةَ حللًا من الحضارةِ الأنيقةِ، وأودع في الحضارة جمالًا من البداوةِ العتيقة.
أخيرًا :
إن كنت أبحرت في عينيك منتجعًا
وجه الربيع، فما ألقيتُ مرساتي
هذا بعيري على الأبواب منتَصِبٌ
لم تعشُ عيناه أضواءُ المطارات،
وتلك في هاجس الصحراء أغنيتي
تهدهد العشقَ في مرعى شويهاتي
رحم الله سيد البيد، البدوي المتأنق بجمال الحضارة، والمتحضر، المتكئ على صلابة البداوة.
مقال متألق ولكن ياحسرتاه على إعلامٍ لم يعط سيد البيد حقه حال حياته
ما أجمل البداوه مقترنة بالإبداع. موضوع جميل أستاذنا الفاضل