قرار منع زراعة النخيل في الشوارع والحدائق العامة من – وجهة نظري -قرار سديد لأسباب عدة، لعل أهمها كونها من الأشجار المثمرة التي يتناثر جناها تحتها، وعلى جنباتها مع طول المدة وبفعل الهواء، فيشكل الرطب المتساقط منها طبقة لزجة في الشوارع ليس من السهل تنظيفها بشكل جيد، فتكون مجمعًا للذباب، ولكثير من الحشرات الأخرى، ومؤذية للمارة سواء بما ينبعث منها من الروائح، أو لما يسيل منها من مادة صمغية، تلتصق بأحذية العابرين وإطارات السيارات، فليس من الحكمة زراعة هذه الشجرة المباركة في الأماكن التي لا تجد من يحرص عليها، ويجني تمورها، لذا مكانها الطبيعي المزارع الخاصة حيث تجد العناية والاهتمام من أصحابها.
ولأن زراعة الأشجار مكلفة كثيرًا إذا ما حسبت بأعدادها الكبيرة في الشوارع والحدائق بمدن المملكة، فمن الأهمية اختيار نوع الأشجار والأزهار التي تزرع، وبما يحقق الهدف منها لإيجاد بيئة صحية ورؤية جمالية. ويجب على المعنيين التدقيق في حسن اختيار الأشجار المناسبة للبيئات، فالأشجار الملائمة للمناطق الصحراوية والساحلية غير مقبول زراعتها في المناطق الجبلية الباردة وإلّا؛ فإن ذلك يصبح عبثًا وعبئًا والعكس كذلك لأنها مختلفة تمامًا عن بيئتها الطبيعية. ومما نلاحظه أحيانًا وجود أشجار ضخمة في بعض شوارع مدننا لدرجة تغطي أعمدة الإنارة وتحجب الإضاءة ليلًا، ومع ارتفاعها الكبير وفروعها المتشعبة يصعب تشذيبها فلا تحقق للرائي الجمال المطلوب، وقد تتسبب جذور بعضها في اقتلاع الأرصفة، فتضيع الفائدة من وجودها.
ولأن تجميل شوارع المدن أمر مطلوب بزراعة الأشجار والشجيرات والزهور المناسبة لنشر الخضرة، وإشاعة البهجة، وتحقيق المتعة البصرية، ورفع نسبة الأكسجين فمن المهم اختيار نوعية الأشجار والأزهار بعناية فائقة شكلًا ونموًا وعمرًا، فكم من الخسائر تحدث حين نغرس اليوم ونقلع غدًا، أو نزرع أي نوع وبأي طريقة -دون أن نعرف صلاحيته لذات البيئة الجغرافية أو المكان، ولعل مشهد تلك الأشجار الكبيرة والتي تتساقط أوراقها باستمرار والأخرى الضارة والسامة، والتي يتم اجتثاثه بين فترة، وأخرى تعطي الدلالة الأكيدة على العشوائية والزراعة كيفما اتفق بعيدًا عن المعايير المطلوبة والاختيار الدقيق والملائم؛ لذا من الضرورة قبل البدء في تزيين الشوارع بأنواع الأشجار والأزهار التنسيق مع الجهات الزراعية المختصة؛ بهدف الاستناد لرؤية واضحة..