المقالات

الكفاءة الفكرية

(الفكرة والمترجم والمتلقي) مثلث يملك التكرار في كثيرٍ من المواقف، والكثير من الأحداث، بل إن مجريات الحياة تأخذ ذلك المثلث ليصبح جزاءً منها وإشارة على أن الكون لازال قيد “النشط”.
تتجسد المثالية، وتسير وفق الصحيح كلما زادت الكفاءة في بين تلك الأطراف، وبمجرد اختلال أحد تلك الأطراف تهوي بالضرورة بقية الأضلاع، ويضعف وجودها وينهي أحيانا مستقبلها، فالفكرة التي لم تستوفىَ قد حُكم عليها بالإعدام سلفاً، وربما تنتهبي إلى غير رجعة، وقل هذا في حقِ مترجمٍ ضعيف ومتلقيٍ خامل.
كل فكرة مجردة يمكن وصفها بطائر لا يتبع لأرض، ولا يحتكره محيط، ومتى وجد صلاح عيشه في مكان كان أولى به، والجميل في هذا أنه لا يهتم كثيراً لمكان المنشأ وبلد الميلاد، بل يقوم الاختيار عنده على قيمة وحيدة ومعيارية فريدة هي (مكان صالح للعيش) بجميع تجليات الصلاح التي ترسّخت في عُرفه.
تسرح الأفكار في هذا الكون ولا تأبه لكف مؤسسها ويدي خالقها، فمتى وجدت ذواتها انقطعت كل أواصر العلاقات إلا مع من يستحق، وبات الاستحقاق هو صاحب الموقف.
خرج الكثير من نتاج العقول وتناثر بين الأمم وأهمله أصحابه، ولما سيق لتلك الأفكار ماجدٌ يرفعها وسامي يدفعها انطلقت الألسن في الادعاء وتأصيل البدايات لكل ذلك المفروز.
وكل يدّعي وصلاً بـ ليلى ….
وليلى لا تُقِرّ…..
لاستجلاب الرضا قدّم بين يديه ما يوجبه، ولاستجلاب تلك الأفكار المهاجرة والحقائق المنثورة استصلح من ذاتك أرضاً لها، واعمل على صنع مكان جيد لإقامتها، وأول تلك المسلمات هو الإنصات لسماعها، والاستماع لفهمها، والفهم لتقبّلها، والتقبّل لصنع هوية خاصة بها، وتلك مرحلة يدرجها الإيمان وينفذها الاعتناق، وليس بعد الإيمان إلا الذوع.
قد تأتيك منقادة ولن تلبث ما دامت في عقلٍ لم يحترم وجودها، بل صنع حولها سياج أشبه ما يكون بــ (صالحة للاستعمال مع وقف التنفيذ) كيف وقد عرف عنها كراهية الموت وبغضها الشديد لرائحة التقادم.
من أصلح الأماكن وأطيبها تربة للأفكار هي تلك العقول التي كُسر معها حاجز المعقول إلى غيره، ودُمّر المحدود إلى ما بعده وانتهت أغلفة التأطير التي طالما حرمتنا لذائذ ذلك الفضاء، وهذا “ا ب” الاستحقاق لتلك الأفكار كما يقال، وكيف لفكرة قد ولدت أن تكبر بحاجز يمنعها الحركة، ويحرمها النمو.
ختاماً……… خلقتْ هي لتطير وخلقتَ أنت لتلازم هذه الأرض فإما أن تأخذها بحقها لتُسَافرا معاً، وإلا فقد. وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ.
رياض عبدالله .

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button