تعجبني السياسة الأمريكية الواضحة جدًا، وتعجبني دهاليز الدهاء والذكاء التي تستخدمها في سياساتها الخارجية حتى وإن كانت تصل في بعض الأحيان على خارطة الكرة الأرضية إلى أعلى درجة من البشاعة والانتهازية.
بعض المدرعمين العرب والسياسيين المحنطين والصحفيين المهرجين في المنطقة العربية لا زالوا يرددون إسطواناتهم المشروخة عن التحولات السياسية، وعن قراءتهم الوهمية للموقف الأمريكي، ويسطحون عقلية المشاهد والمتابع للسياق التحليلي الإعلامي بينما سياسة أمريكا في الشرق الأوسط واضحة جدًا، وسبق إعلان تفاصيل هذه السياسة المبنية على استثمار الأزمات بما يكفي للمحافظة على الوضع الاقتصادي الأمريكي بصرف النظر عن العلاقات التاريخية أو الوهمية أو العدائية بين أمريكا والدول المستهدفة.
إيران الدولة الوحيدة التي فهمت سياسة أمريكا، وتعاملت معها بنفس منطقها حيث تمددت في المنطقة العربية، وزرعت الفوضى والدمار، وسوقت ثورتها الفكرية والدينية ولم تلتزم بأي اتفاقية، وتلعب على الحبلين مع وضد العرب بما ينسجم والسياسة الأمريكية، وأهداف سوق السلاح الرائج، وسوق المفاضلة الشرائية دون قيمة للديموقراطية، ولا ميثاق الأمم المتحدة معتبرةً ذلك مجرد تهريج، وهي محقة تماما.
أمريكا التي تعلن دائمًا أنها تأتي لمناطق الخلافات؛ لتستثمرها بطريقتها، وليس دفاعًا عن أحد فهي تستثمر هذه الفتن بتسويق السلاح من جهة، وتسويق هيمنتها من جهة أخرى، شاء من شاء وأبى من أبى، وهي التي تدخل مناطق النزاع في التوقيت الذي تراه، وتغادر بنفس الطريقة دون أن تقدم حلولًا لأي مشكلة.
أمريكا تدعم خزينتها باستثمار علاقتها ببعض الدول، ولكنها لا تحفظ هذه المواقف بل تتنصل عنها في أي لحظة بدون حياء، وبدون قيم، وهكذا هي السياسة الأمريكية الوضاحة جدًا فهي اليوم مع دول محددة وغدًا مع الضد، وعندما تطلب من تجار الفتن في المنطقة العربية ضبط النفس؛ فهي تشعل قناديل سياستها على نار هادئة.
لا فرق بين حزب جمهوري أو ديموقراطي فكلاهما يعلنان السياسة الأمريكية بوضوح وهذا هو الواقع، أغلقوا قنوات التهريج، اقلبوا الصفحة …. نقطة على السطر هذا إذا تركت لكم أمريكا سطرًا من أصله.
