لطالما تناول الإعلام الأوروبي والأمريكي موضوع حقوق المرأة السعودية وتباكى عليها كثيرًا، فمنذ عقود من الزمن، وهم يدندنون حول موضوع قيادة المرأة السعودية للسيارة، ورغم أننا فيما يخص موضوع قيادة المرأة للسيارة وطوال فترة عدم السماح به لم نكن نسمع، ولم نقرأ عمن يحرمه شرعًا أو يجرمه نظامًا، فالكل يعرف أن الموضوع كان يخضع لموروثات اجتماعية وثقافة مجتمع كان الجميع يؤمن بأنها ستتغير مع مرور الزمن، وسيتقبلها المجتمع وهو ما حدث بالفعل. لكن ومن باب رد الجميل للإعلام الغربي وللمرأة الغربية أجد أن من الواجب علينا، مساندة المرأة الغربية وتعريفها بحقوقها الضائعة التي أهملها النظام الغربي وتجاهلها إعلامهم وانشغل، وأشغل المرأة عن تلك الحقوق بتركيزه على حقوق المرأة السعودية، وسوف أتحدث هنا فقط عن بعض الحقوق التي كفلتها اللائحة التنفيذية للموارد البشرية في الخدمة المدنية في المملكة العربية السعودية، وكذلك نظام العمل السعودي في القطاع الخاص، أما حقوق المرأة في الإسلام فهي مكفولة منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا ولن نتحدث عنها فلا المجال يتسع لذلك، ولا العبد الفقير إلى الله أهلًا للتفصيل فيها، كما أننا هنا لسنا بصدد المقارنة بين حقوق المرأة في الإسلام وحقوقها في غيره فالفرق شاسع، وإن حصل أي تقصير في تلك الحقوق؛ فهو عائد للفهم الخاطئ للشخص المقصر بحق المرأة، وليس للإسلام علاقة بذلك التقصير.
لكن عندما نتحدث عن حقوق المرأة العاملة في نظام العمل الأمريكي أو الأوروبي ونقارنه بحقوق المرأة في نظيرة السعودي والذي يستمد تلك الحقوق في الغالب من حقوق المرأة في الشريعة الإسلامية، سوف يتضح لنا جليًا معاناة المرأة الغربية من تحيز النظام هناك لصالح الرجل، وهضمه لحقوق المرأة والإجحاف تجاهها، سواءً فيما يتعلق بأولوية التعيين أو المرتبة الوظيفية أو الراتب والاجازات والحوافز التي يحصل عليها كل منهما، وما نتحدث عنه لن يكون مجرد عبارات إنشائية أو كلامًا منمقًا للاستهلاك؛ وإنما سنعتمد على ما جاء في اللائحة التنفيذية للموارد البشرية في الخدمة المدنية في المملكة، وكذلك نظام العمل السعودي في القطاع الخاص، وهي أنظمة واضحة وصريحة ومنشورة على المواقع الرسمية للجهات المعنية، وفي المقابل نستقي معاناة المرأة الأمريكية والأوروبية عن طريق التقارير الصادرة عن المنظمات الرسمية المختصة مثل منظمة العمل الدولية، ومنظمة الصحة العالمية.
ففي الوقت الذي نجد فيه نظام الخدمة المدنية السعودي يكفل مساواة المرأة بالرجل فيما يخص الأجور، طالما يحملان نفس المؤهل والتخصص؛ حيث يتم تعيينهما على نفس المرتبة وبنفس الراتب والمزايا التي يحصلان عليها، وكذلك الوضع فيما يخص المرأة السعودية في القطاع الخاص؛ حيث نص قرار وزارة العمل (سابقًا) رقم (1/2370) وتاريخ 28/ 8/ 2010م، على “منع كل تمييز في الأجور بين العمال والعاملات عن العمل ذي القيمة المتساوية”. فيما نجد في المقابل أن منظمة العمل الدولية ترى أنه على الرغم من أن النساء العاملات في أجزاءٍ كبيرة من العالم أفضل من الرجال من حيث التعليم والخبرة والإنتاجية، إلا أنهن ما زلن يحصلن على أجور أقل من نظرائهن الرجال، كما يحدث في أوروبا وأمريكا وروسيا والبرازيل. وفي تقرير سابق لمنظمة العمل عن الأجور؛ وجدت المنظمة أن الرجال يتقاضون أجورًا أعلى من النساء في 38 بلدًا شملها التقرير؛ ما يظهر أن الفجوة بين الجنسين في الأجور لاتزال مترسخة بقوة في أغلب دول العالم. وقالت المنظمة إن الفجوة الأكبر في الأجور بين الجنسين موجودة في الولايات المتحدة، حيث تتقاضى المرأة 64.20 دولار في المتوسط مقابل كل 100 دولار يحصل عليها الرجل، لكن هذا الفارق يتم تبريره عبثًا بعوامل مثل الإنتاجية الأكبر للرجال أو التعليم أو الخبرة. غير أنه في أوروبا وروسيا والبرازيل، ورغم الاعتراف بتفوق النساء على الرجال في هذه الجوانب، لكن الفجوة في الأجور لاتزال موجودة.
وفي الوقت الذي ترى فيه منظمة العمل الدولية بأنه من المفترض أن تحصل النساء على أجور أعلى من الرجال بنسبة 0.9 بالمئة، نجد أن أجورهن الفعلية تقل بنسبة 18.9 بالمئة عن الرجال بسبب عامل التمييز ضد المرأة الذي تحدث عنه التقرير. فيما نجد أن المرأة السعودية تحظى بالمساواة مع الرجل في تلك المزايا وليس ذلك مقصورًا على المرأة العاملة في القطاع الحكومي فحسب بل يمتد ليشمل المرأة العاملة في القطاع الخاص، والأجمل من ذلك أن تتضمن كل من اللائحة التنفيذية للموارد البشرية في الخدمة المدنية ونظام العمل في المملكة العربية السعودية أحكامًا تدخل في مفهوم التمييز الإيجابي للمرأة، مثل حظر عمل المرأة العاملة في الأعمال الخطرة أو الصناعات والأعمال التي تُعد ضارة بالصحة أو من شأنها أن تعرض المرأة العاملة للخطر، كما يحظر فصلها لأي سبب متعلق بالزواج أو الأمومة، كما أن معظم الإجازات التي تحصل عليها المرأة السعودية بسبب طبيعتها كأنثى؛ تكون إجازة مدفوعة الأجر، كما اعطى الموظفة الحق في إجازة استثنائية تصل مدتها (10) سنوات لمرافقة زوجها خارج مقر عملها، وكذلك الحق في إجازة مرضية تبعًا لحالات محدودة نتيجة الحمل وإجازة وضع بعد الولادة وإجازة لرعاية مولودها، كما أعطى للمرأة التي يتوفى عنها زوجها الحق في إجازة (العدة) بأجر كامل لمدة لا تقل عن أربعة أشهر وعشرة أيام.
فيما لازالت الولايات المتحدة الأمريكية من بين 193 دولة في الأمم المتحدة، ومعها عدد من الدول مثل غينيا الجديدة وسورينام وعدد قليل من الدول التي تقع في جزر جنوب المحيط الهادئ لا تحظى بقانون وطني لإجازة الأمومة والأبوّة، وإن وجد نظام للإجازات خاص بالمرأة في بعض الولايات فغالبًا ما يكون بدون أجر. هذا غيض من فيض متمنيًا من الجميع وكل حسب إمكانيته وطريقته وبخاصة أولئك المدندنين مع طبول الإعلام الغربي من بني جلدتنا أن ينقلوا عنا للمرأة العاملة الأمريكية، تعاطفنا الشديد معها في مأساتها ومساندتنا لها في المطالبة بالحصول على حقوقها المسلوبة ومساواتها حقيقةً بالعاملين من الرجال.
خير الكلام:
قَالَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ إنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَينِ: اليَتِيم وَالمَرْأةِ).
مقال جميل وشامل لمعظم الحقوق التي كفلها الاسلام والشرع الذي هو المصدر التشريعي الاول في العربيه السعوديه ومليميزه هو القاء الضوء على وضع المرأة الغربية بالمقابل وقلما نجد مثل هذه المقالات حيث ان في الغالبية هو اتخاذ وضع الدفاع ورد الذرائع ان صح التعبير ?بارك الله فيكم