تخبيب

ظاهرة الإفساد في الأرض ملازمة لبني آدم قبل خلقه ، فقد جاء على لسان الملائكة في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) ، والفساد متنوع الصور والأشكال ، منها ما يرتبط بالعلاقة مع الطبيعة ، ومنها ما يرتبط بالعلاقة مع البشر ، وكذلك بقية مكونات الحياة على الكوكب .
والمرأة هي عماد الأسرة ؛ بل عمودها الفقري ، إن صلحت استقام البيت ، واعتدل ، واستوى على سوقه ، وإن كان غير ذلك تضعضع ، وتشقق ، وخرّ عليهم سقف الاستقرار ، وذهبوا نهب الظروف .
والرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم لم يترك لنا شيئًا إلّا بيّنه تحبيبًا ، أو تحذيرًا .
والأسرة تستقر بتفاهم الزوجين ، وتوفير جوّ أمانٍ للأطفال ، فينشأ جيل يكون لبنة صالحة في مجتمعه ، أو عكس ذلك فيكون وبالًا عليه ، ومع تسارع الزمن ، وتربص الأعداء ، بدأت خطة زعزعة الأسرة من الداخل ، فأوهموا المرأة بذكوريتها ، وأنها تستطيع العيش بدون ذلك الكائن الذي يحجّم من دورها ؛ بل يسلب حريتها ويجثم على صدرها ، فبدأ ما يسمى تحرير المرأة ، فنُزع حجابها ، فرأينا السفور والتبرج في أبشع صوره ، والتدرج الرهيب في الحرية نمط مدروس ، فعزفوا على غطاء الوجه ، ثم شرعوا ، وابتكروا ، ولووا أعناق النصوص ، حتى جاءوا بالعجائب .
ولم يكتفوا بذلك ؛ بل زحفوا إلى مفاتن المرأة شيئًا فشيئًا ، حتى عرّوها تمامًا !!
ومع عصرنا الحالي سمعنا بالتخبيب النسوي ( النسويات )،
وهي حركة تنظيمية تستهدف الأسرة من الداخل والأم الهدف الأسمى ، ثم الفتيات العازبات ، فرأينا العجب ، حيث أدى بهن ذلك الوهن إلى الامتهان في بلاد الغرب ، وأكثرهن أصبحن بلا مأوى ، بعد أن حرقت أوراق لعبتهن ، والبعض الآخر ينتظر الدور ، والمسألة وقتية ليس إلّا !!
إن ديننا الحنيف حذّر من هذه الظاهرة بكل أشكالها ، فلعن المخبب والمخببة ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلّم :(لعن الله من خبب إمرأة على زوجها ) ، وما أدراك ما اللعن ؟
وإنّي لأعجب كل العجب لذلك الكائن الحي الضعيف ، حيث يسعى لتغيير نمط الفطرة السوية ، فالرجل بتحمله وقوته وصبره يستطيع المقاومة والكسب ، والمرأة لها مجالها ودورها في الحياة وفق مقدرتها ، وبرغم مناداة الكثير بإقحام المرأة في مجال الرجال ، إلّا إن الأمر واضح كل الوضوح ، مجال الرجل للرجل ، ومجال المرأة للمرأة ، وبذلك تختفي ظاهرة التخبيب وتسعد الأسر بالاستقرار ، وينشأ جيل يتحمل المسئولية ، ويستطيع مجابهة العدو ، لا الفرار من الجولة الأولى !!!

د. نايف بن عبدالعزيز الحارثي

أستاذ اللغة العربية المشارك بكلية الملك عبدالله للدفاع الجوي

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. مبدع يادكتور نايف كعادتك
    (كل ميسر لما خلق له)
    والهدف الذي يسعى إليه الغرب وأذنابهم (ليس حرية المرأة بل حرية الوصول إليها (الأمير نايف بن عبد العزيز))
    وإذا هدم دور المرأة في المجتمع هدم المجتمع بأسره
    فهي نصف المجتمع وتربي النصف الآخر
    فعلا النسويات دورهن الإفساد فقط

  2. كلامك حق وحقيقة يادكتور نايف
    بارك الله فيك وفي جهدك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى