المقالات

الثورة المليارية الخضراء

حتى مع كل الالتزامات والاستحقاقات الوطنية والمهام الجسيمة، وحتى مع الحرب على المعتدي العميل الإيراني الحوثي في الحد الجنوبي، وحتى مع استحقاقات جائحة كورونا، ومع العمل المستمر لاستقرار أسعار النفط ومع كل هذا وفي وسط كل ذلك أعلن صاحب السمو الملكي ولي العهد عن ثورة خضراء قوامها 10 مليار شجرة في أنحاء بلادنا لتقدم السعودية الخضراء و40 مليار شجرة أخرى في أرجاء الوطن العربي؛ ليكون الشرق الأوسط الأخضر، تستكمل عام 2030 م لتصبح هذه الثورة بعد إنجازها – إن شاء الله – واحدة من أهم إنجازات البشرية في القرن الحادي والعشرين.

قناعة سموه وتبنيه لهذه الثورة التي لا يمكن التعبير عنها بمصطلح أقل من ذلك، تعكس العمق الاستراتيجي لدى قيادتنا الرشيدة والنظرة المستقبلية لواقع البيئة في المنطقة والعالم، وتؤكد أن بلادنا حريصة على البيئة وصديقة لها، ولديها الاستعداد للتضحية بالمال، وكل ما تملك من موارد للمحافظة عليها؛ لتكون بوضع مثالي لحياة الإنسان؛ وللمحافظة على الطبيعة التي تعيش فيها كل الكائنات الحية وباقي عناصر البيئة غير الحية، والتي أودعها الله في أرضه واستأمن علية الإنسان لعمارة أرضه.
إعلان سموه الكريم أعقبه اتصالات مع ملوك وأمراء ورؤساء دول شقيقة لحشد التأييد والتهيئة للبدء فلا وقت للانتظار فالبيئة في محيط الكره الأرضية تأثرت كثيرًا بالثورة الصناعية، وحان وقت الثورة الخضراء لتكبح جماح الاندفاع البشري الجائر على البيئة، والذي يظهر بجلاء في المعدلات المتزايدة لنسب غازات أول وثاني أكسيد الكربون وغازات الكلور والفلور في الهواء الجوي مؤديًا إلى الارتفاع المتزايد في درجات الحرارة، وإلى ثقوب في طبقة الأوزون واحتباس حراري؛ ليقود كل ذلك إلى ذوبان الجليد وفيضان البحار والأنهار لتبتلع المياه مناطق شاسعة من الأرض وتخفي أي أثر للحياة؛ ولذا كان ولازال العالم بحاجة إلى ثورة عاجلة، وهاهو القائد الهمام يتقدم الصفوف بـ 50 مليار شجرة.

يا إلهي “خمسون” مليار شجرة، تصوروا معي كم من الأكسجين ستدفع به هذه الأشجار إلى الهواء الجوي، وكم من غازات الكربون ستمتصها، وكم من الأوبئة ومسببات الأمراض ستقتلها، تخيلوا معي كم من الرمال والعواصف الترابية ستحبطها، وكم من الأظلة ستخلقها، وكم من الأجواء الرائعة ستحدثها. إن حالة تغيير الواقع البيئي مؤكدة – بإذن الله – مع هذا العمل الجبار الذي سيبدأ قريبًا -بإذن الله-. بقي أن نقول إن التفكير في مصادر مستدامة للماء اللازم لهذا المشروع، ونوعية الأشجار المختارة للاستنبات عوامل مهمة في تحقيق أعلى درجات النجاح. وفق الله قيادتنا لكل خير يعم، ولا يخص لتبقى مملكة للإنسانية همها سعادة ورخاء الإنسان في كل مكان وعبر الزمان.

* أستاذ جامعي

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button