في إطار العدل وتكافؤ الفرص؛ فقد حظي تعليم البنات بنصيب وافر من العناية والرعاية إذ تم تهيئة الطاقات البشرية والإمكانات المادية للارتقاء بتنشئة وتعليم الفتاة؛ لتكون لبنة صالحة للمجتمع.
ولقد أثبت التعليم الأنثوي نجاحًا باهرًا من منطلق الحرص الشديد الذي يتمتعنّ به سواءً المعلمة أو الطالبة مما زاد جودة التعليم، وتناثر أثره في الأسرة كشذى ينتشر في أرجاء المنزل عبقًا وألقًا، وبما يستحق الإشادة بذلك التفاني والحماس، والحرص على الإجادة والإفادة.
وبما أن طبيعة الإناث وارتباطهم بالمنزل؛ طالبةً كانت أو معلمة، صغيرةً أو كبيرة، عزباء أو متزوجة فإن الدوام الحضوري يترتب عليه التزامات مكلفة عليها، وعلى ولي أمرها في ذات الوقت كما يفقدها الكثير من الفرص الذهبية التي لن تتأتى إلا بملازمتها للمنزل، وإلا فستضطر لتحمل تبعات مرهقة أو منهكة، ومنها:
– تكاليف النقل أو شراء سيارة بالنقد أو التقسيط المرهق أو استقدام سائق أو تحمل مخاطر الطريق، مما يجعل التعليم عن بُعد يحد من الحوادث وخفض نسب الاكتظاظ والزحام.
– الأهم من ذلك رعاية الأسرة عن قرب، وبالتالي تحاشي المشاكل المترتبة على الاضطرار لترك المنزل، والخروج للعمل، ومن ذلك ترك الأبناء الصغار مع الشغالة وما لوحظ من سوء معاملة البعض منهن أو تعريضهم للخطر.
– كما أن التعليم عن بُعد سيحد من المشاكل العائلية التي تنشأ نتيجة الاختلاف في وجهات النظر بين تفضيل ملازمة المنزل ورعايته، وبين الخروج ومباشرة العمل، ليأتي الظرف القاسي الذي فرض هذا التحول النوعي الذي جاء ملطفًا لذلك الهم المثقل لكاهل المعلمة أو المتعلمة جراء الذهاب والعودة والإرهاق المترتب عليه، ليجعلها ترسل أو تستقبل، وهي في أحضان منزلها آمنةً مطمئنة تنعم بالراحة والاستقرار.
– كما أن التعليم عن بُعد سيضيف لكل من الطالبة والمعلمة وقتًا إضافيًا كان يستهلك في شق الطريق ذهابًا وعودة مع مايترافقه من تعب وإرهاق، وبالتالي يعود عليها وعلى أسرتها بالنفع والفائدة، سواء للبحث وزيادة المعرفة أو في سد أعمال المنزل، ورعاية أطفالها أو من يحتاج إليها.
– يتيح التعليم عن بُعد أيضًا المواءمة بين متطلبات الدراسة والواجبات العائلية والقيام بشؤون بيتها والإشراف ومتابعة أبنائها أو من تعول، والاطمئنان عليهم.
– يعمق الترابط العائلي، ويقوي الوشائج بين أفراد الأسرة الصغيرة والشجرية المتشعبة إذ سيكون التواصل أكثر منه مع زميلات العمل أو الدراسة مما يضفي مزيدًا من تأصيل العادات الحسنة بصورة عملية.
– سيحد التعليم عن بُعد من العلاقات المشتتة أو المزيفة أو العادات الدخيلة التي غالبًا تتناقل بالتقليد أو التجريب، وسيحد أيضًا من العدوى السلوكية غير المرغوب فيها، وبما يضمن التحكم في السلوكيات المنضبة كما يريدها الآباء لا كما يصنعها التأثير المناهض.
– سيتيح التعليم عن بُعد للفتيات مواصلة التعليم للدراسات الجامعية والعليا، إذ لم يكن متاحًا لها من قبل سيما تلك التي تضطرهن ظروفهن المادية أو الأسرية للتوقف، وهذا ماسيفتح لها أفاقًا واسعةً لا مدى لها من التحصيل، ونيل أعلى الدرجات.
– سيحد أيضًا من ساعات الهدر الوظيفي جراء التأخر أو الخروج قبل نهاية الدوام لإيصال بناتهم، وهذا ماسيخفف العبء عن أولياء الأمور، وسيرفع الأداء للموظفين.
ومما تقدم فإن التعليم عن بُعد يحقق التفاضل والتكامل بين عناصر التعليم والمجتمع المحيط بصورة أكثر فاعلية، كما يحقق نفعًا مشتركًا وميزات أعلى من التعليم الحضوري الأمر الذي ينبغي ترجيحه بصفة دائمة ماعدا مايتعلق بالمواد العملية التي تستوجب الحضور المباشر.
والله نسأل التوفيق والسداد.