بينما كنت أسير في دربي رأيت من بعيد بيتًا رائعًا في المظهر، واسعًا ومُبهرًا، ورأيت صاحبه يتغنى به ويفخر، ولكن شاء الله أن أرى ذلك البيت عن كثب، وبالصدفة رأيت ما بالداخل فقد كان دمارًا يغطيه الظلام الدامس في عِز النهار، ابتعدت عنه بحذر وخوف وفزع.
وبعد أن ابتعدت صادفت بيتًا آخر مُضيء، وجاذب وشاهدت حديقةً غناء تلتف من حوله، وعندما كنت أجول بنظري في أطرافه إذ بالسماء تُمطر، وكل ما في داخل البيت وخارجه يُشع بالحياة والنور والصفاء ذهبت متأملًا مُتسائلًا هل سأراه ثانية، فكلما سرت في طريقي رأيت مِثل هذا البيت المُضيء، وأيضًا أجد مِثل ذلك البيت المهجور.
يختلف الشعور، بالمقارنة بينهما، وأنت أيضًا قد تكون صادفت مثل هذه المواقف في حياتك، شعور رائع عندما تمطر السماء، وترى الودق يخرج من خلال السحاب، ترتوي الأرض وتُنبت وتُزهِر، وشعور كئيب عندما ترى الأرض جدباء مُقفِرة لا حياة فيها، شتان بين المنظرين للعين والنفس.
كذلك القلوب إن لم ترتوِ بالإيمان وبكلام خالقها تُصبح كالبيت الخرب، فاذكر الله في حِلّك وترحالك وقبل خروجك من بيتك وعند دخوله، وحين تصحو من نومك ولحظة الخلود إليه، اذكر الله عندما ترى ما يعجبك، وعندما تفرح أو حين يعتريك الغضب، حوقِل وكبّر وهَلِل ولا تكن باردًا جافًا قاسيًا لا حياة فيك.
اقرأ وِردك اليومي من القرآن، ولا تدعه مهجورًا، وليس مُجرّد القراءة فقط بل ابحث عن معانيه وتدبر مقاصده، وأخرج إلى العالم حولك محاولًا تطبيق ما عرفت من كلام الله قدر ما تستطيع فخير البشر كان خلقه القرآن، وكان على خلقٍ عظيم.