لم يكن الحرمين الشريفين، ومنذ بدايات عصر صدر الإسلام حتى يومنا هذا بمنأى عن محاولات النيل من أمنها، وترويع قاصديها وسرقة محتوياتها؛ إذ حمل لنا التاريخ أخبار عدد من الحوادث التي دوّنت لتكون شاهدة على أفعال تلك الأيادي الأثمة؛ لتصل إلينا، وتعرفنا على دوافعها وتفاصيلها لنكون متيقظين لما أنيط ببلادنا من أمانة عظيمة ومسؤولية جسيمة.
الحرمان الشريفان، ومنذ بداية العهد السعودي وجدا كل عناية في كل المجالات، وعلى رأسها أمن المسجدين، وزوارهم والمعتمرين والحجاج، واعتمدت الجهود الأمنية على مبدأ تأصيل الروحانية في أجواء الحرمين، واعتماد الإجراءات الميسرة، وتبني آليات المتابعة الشاملة، ومع ذلك فإن حوادث عارضة مرت خلال العقود الماضية تعرض فيها أمن الحرمين لمحاولات النيل من خارجين غاب عنهم العقل، وأصيبوا بموت الضمير فأرادوا في البقاع الطاهرة الحاد بظلم، وبفضل من الله تصدت لهم الأجهزة الأمنية بكل حزم.
المتأمل في أحوال العالم اليوم يستنتج الكثير من المبررات التي تدعم أهمية تفعيل استخدام التقنية بشكل أوسع في التدقيق والمراقبة، ويأتي في مقدمة ذلك بناء حزام من البوابات الأمنية تحوي أفضل التقنيات لأعمال التفتيش والتدقيق، ففي ظروف المسجد الحرام والمسجد النبوي سيساهم استخدام التقنيات الحديثة بشكل واسع، وتعدد البوابات المخصصة للتفتيش والتدقيق بإدارة كوادر مدربة تعمل على مدار الساعة على تفادي أي حوادث عارضة مستقبلًا.
لا شك أن لدى أجهزتنا الأمنية الخبرة الكافية لرسم استراتيجية جديدة؛ للتفتيش الوقائي بالتنسيق مع رئاسة شؤون الحرمين تأخذ في الاعتبار الظرف المكاني، والبُعد الروحاني والإنساني، وتتبنى أفكار إبداعية تجعل من أعمال التفتيش والتدقيق إجراءً ميسرًا. ولربما أن التركيز على استخدام بوابات الكشف عن المعادن هي الأهم في ظل عدم الحاجة لدخول أي أمتعة إلى المسجدين لكن تبقى مسألة التنظيم هي الأهم؛ لتفادي التزاحم والتأخير.
لا شك أنه يعتمل في نفوس المسلمين عامة الكثير من مشاعر الروحانية والقدسية للحرمين الشريفين ما سيجعل من أعمال التفتيش أمرًا روتينيًا يخلق المزيد من الطمأنينة لدى المصلين والزوار والحجاج، ويجعل رحلتهم الإيمانية أكثر أمنًا فنتجنب أي أحداث عارضة تسيء إلى الجهود الجبارة التي تبذلها بلادنا قيادة وشعبًا خدمة للحرمين الشريفين في المجالات العمرانية والهندسية وأعمال الصيانة ومختلف الخدمات التي يشهد بها القاصي والداني هذا؛ إضافة إلى البنية التحتية من مطارات وطرق وإسكان وخدمات أمنية وصحية متاحة للزوار و المعتمرين والحجاج؛ لتجعل بفضل الله رحلة المسلم من كافة أرجاء المعمورة إلى البقاع الطاهرة رحلة ميسرة تبدأ بالتلبية إلى البيت العتيق، وتختم بالسعي المشكور والذنب المغفور بإذن الله.