مشعل حاسن الحارثي

مراكز علاج الإدمان الخاصة

قلم رصاص
مررت بعددٍ كبير من مراكز التأهيل وعلاج الإدمان الخاصة بإحدى الدول العربية، وقد أساءني ضعف الجودة في أغلب هذه المراكز؛ حيث يحتاج الكثير منها إلى إعادة تأهيل قبل أن تصبح مكانًا آمنًا وصحيًا لتأهيل المدمنين!
المُثير للجدل أن جُل هذه المراكز تعمل تحت جنح الظلام وفي مبانٍ مترهلة تفتقر إلى أبسط إجراءات النظافة، وإجراءات الأمن والسلامة وحقوق المريض، تعمل في العراء دون الاعتماد على معايير تخضع للإشراف الطبى والوقائي من قبل وزارة الصحة.
إن الاهتمام “بالسبوبة” جعل الكم في هذه المراكز يتغلب على الكيف دون مراعاة لحقوق المريض ومتطلباته ..
وكون هناك مرضى إدمان ونفسيون من دول الخليج يتم “شحنهم” إلى هذه المراكز عن طريق ذويهم دون التثبت من ملائمة المكان والزمان، ومستوى الخدمة المقدمة وإجراءات العمل به، مما جعل المريض المكلوم بين مطرقة المرض وسندان الخدمة المتردية، وأقصد “بشحنهم” أي إرسالهم، وهي عبارة دارجة بين تلك المراكز في ذلك البلد.
إن آلاف الدولارات “المتلتلة” التي تسلبها هذه المراكز كل شهر من جيوب عائلة المريض الخليجي دون غيره؛ لأنه يُعتبر صيدًا ثمينًا، اعتقادًا منهم أن الأسر الخليجية تمطر عليها السماء ذهبًا.
والأدهى والأمرّ أن جُلّ المرضى يقبعون تحت سقفٍ واحد مدة تتجاوز الستة أشهر، وأحيانًا السنة فأكثر كي يخرج من عنق الزجاجة، فالمقابل المادي المدفوع لهذه المراكز جعل المستفيد لقمة سائغة لإطالة أمد البقاء، وما يقابله من إهمال وخدمة متدنية دون مستوى والطموح والمأمول، ورغم تحذيرات وإغلاق وزارة الصحة في تلك الدولة العربية لعدد هائل من هذه المراكز التي تفتقر لأبسط أبجديات الخدمات إلا أن البعض منها لازال يناور تحت مظلة النقابات والجمعيات التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع.
ولكن بفضل من الله أصبحت تلك المعاناة تتلاشى، وتضمحل خلال العام المنصرم، وهذا العام بعد إفساح المجال للاستثمار الصحي مع رؤية ٢٠٣٠ لمراكز التأهيل والرعاية لمرضى الإدمان في المملكة العربية السعودية تحت إشراف وزارة الصحة، وكان باكورة هذه المراكز “شركة قويم للتأهيل” التي تُعتبر الرائدة والسبّاقة في هذا المجال؛ حيث تقدم خدمات تأهيل وتدريب لمرضى الإدمان ممنهجة وفق أعلى المعايير، ويشرف عليها نخبة من أصحاب الخبرة والاختصاص ويطبق بها أعلى معايير الجودة والمهنية، وفريق مصنف من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية كلًا حسب تخصصه، بالإضافة إلى مبانٍ فندقية.
وهذا ما يجعلنا نستبشر كثيرًا بتعافي أبنائنا وبناتنا ممن جنحوا؛ لتعاطي المخدرات في بيئة تعافي صحية داخل وطنهم، وبالقرب من أسرهم وفي مدة قصيرة جدًا.
تقول أحلام مستغانمي:
الندم هو الخطأ الثاني الذي نرتكبه…

————
إخصائي نفسي وتأهيل مرضى الإدمان

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى