عبدالرحمن الأحمدي

وفاءٌ..يُقصيه خُلع

أحداث اجتماعية مؤلمة ومتواصلة يشهدها المجتمع في الفترة الأخيرة تسببت ومازالت تتسبب بتفكك اجتماعي كبير قد ينذر بكوارث بالغة في محيط الأُسر عامة. وهذه الأحداث ذات صور بائسة، واتجاهات سلبية. ومايؤلم منها ويُحز في النفس تحديداً مايُسمى” الخلع” وهو بطبيعة الحال ليس بالشيء المستجَد بل موجود منذ أمد بعيد ولكن المستغرب فيه كثرة حدوثه في هذا الوقت الحاضر وكأنه اقترب من أن يكون ظاهرة أو هو بالفعل أصبح ظاهرة مؤسفة. فمسألة الخُلع عند الزوجة هي في الحقيقة أصبحت مسألة وقت ليس إلا، أو كما يُتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأنه عبارة عن”ضغطة زر” للأسف. وكأن الرباط المقدس بينها وبين الزوج صار من السهولة التفريط فيه. نعم هناك مشاكل لاتطاق قد يكون الزوج الطرف الأساس فيها أو العكس ولكن هذا لا يمنع من الاحتساب، والتمسك بالصبر، والتأني، وحسن التصرف فمن المؤكد أن الضحية هم الأبناء وأي قلب أم رحيم يهون عليه ذلك؟

و مؤخراً التقيت بصديق عزيز وتناولنا معاً أحاديث اجتماعية متنوعة وتوقفت كثيراً جداً ودُهشت وتألمت حين أبدى لي مروره بظروف نفسية مرهقة أخذت منه ما يقارب السنة؛ نتيجة لظروف عائلية تمثلت في خلع أمه لأبيه بعد حياة زوجية شارفت من العمر خمسين عاماً..! والسؤال هنا هل هذا وقت مناسب؛ لإجراء الخُلع في أرذل العمر؟ وهل يعقل أن هذه الزوجة عرفت الآن فقط مساوئ هذا الزوج؟ والعديد من الأسئلة المحيرة التي مازالت تبحث عن إجابات. وباختصار مالذي حدث لمجتمعنا الفاضل فجأة حتى أصبحت أداة الخُلع أسهل مما نتخيله..!؟ وماهذه التغيرات السريعة التي هدمت أركان منازل عامرة كان من الصعب اختراقها في حديث بسيط فضلاً عن مشاكل زوجية لا تخرج من أسوار البيت أبداً ولايعلمها إلا الله وحده.

إن من المأمول من أهل العلم الشرعي الفضلاء، ومن أصحاب الاختصاص النبلاء في الإرشاد الاجتماعي والأسري تناول هذه القضية الاجتماعية بعمق، وبرؤية ثاقبة من خلال دراسة جميع أحوال الحياة الزوجية ومايطرأ عليها من مؤثرات خارجية خاصة مايُتناقل في وسائل التواصل الاجتماعي من معلومات قد تكون في أحيان كثيرة معول هدم لكيان الأسرة. ففي الواقع لانعلم مالذي اعترى هذا الكيان حتى أضحى من السهولة تمزيق نسيجه.. فقد كانت الزوجة في الماضي وعلى الرغم من شدة الظروف تصبر وتكافح وتساند الزوج في كل مهامه الحياتية، وفي الوقت نفسه تُربي وتقدم للمجتمع جيل من الشباب والشابات يُعتمد عليه تمامًا.. فكما هو معلوم أن الأسرة هي النواة الأساسية في بناء المجتمع فإن صلحت هذه الأسرة صلح المجتمع كله. ونهمس في أُذن الزوجة تمهلي قليلاً في أمر الفراق فلا حياة منفردة عن بيت آمن ومطمئن مهما نادى البائسون، وتنبهي فقد كثر ضجيجهم وزاد دمارهم؛حتى لايقصي الخُلع وفاء الحياة الزوجية.

Related Articles

2 Comments

  1. تحياتي لك أ. عبدالرحمن مقال تستحق كل الشكر والتقدير عليه لكونه تطرق إلى ظاهرة أخذت تتنامى في مجتمعنا تستدعي الوقوف عندها ومعالجتها .
    الأسباب كثيرة وربما من رأت أن الخلع هو حل لمشكلة ما فهي قد أتت بمشكلة آخرى أشد أيلاماً من الخلع وهو ماسيحصل من تشتت أسري لايعرف عواقبه خصوصاً امن لديهم أبناء .
    والحقيقة أننا في هذا الزمن لم يعد أحد يحتمل الآخر أو إعطاء فرص لتعديل الأخطاء والتسامح والصبر وأحتساب الأجر فقدت فوصل الحال إلى ماوصل إليه .

  2. نعم الآن اصبح الخلع ظاهر …لكننني أختلف معاك تماما فبدلان من أن تطلب من اهل العلم الشرعي البحث عن الحل فاعتقد انه ليس لديهم لأن هذا شرع أحله الله ..
    .واحترم وجهة نظرك …
    أنامن وجهة نظري ان السبب الرئيسي وراء تفكك الأسر يوما بعد يوم هو بسبب الوضع الاقتصادي للأسر وكثرة الديون وعدم توفر المسكن المناسب لكثير من الأسر وبالتالي عدم الاستقرار النفسي لكل افراد العائلة
    سينتج عنه كثرة المشاكل ..
    هذا والله أعلم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button