د. عبدالله العساف

تفاح الحوثي.. ورُمان لبنان

قال صاحبي: ما أهمية القرار السعودي بشأن منع دخول المنتجات الزراعية اللبنانية، ولماذا اليوم، وهل كان مفاجئًا، ومن المتضرر، ومتى يمكن رفع هذا الحظر، وهل هناك سوابق دولية في منع دخول منتجات الدول؟
تُعد المخدرات بكافة أنواعها آفة العصر ومشكلة حقيقة تستهدف الدول، وتستنزف الاقتصاد الوطني وتدمر صحة المجتمع، اتفق الجميع على ضررها البالغ على الحياة الاجتماعية والصحية والاقتصادية، وضرورة العمل للحيلولة دون اتساعها بالتصدي للمهربين، والتشدد في التشريعات لمواجهة وسائلهم المتجددة والمبتكرة.
المملكة كبقية دول العالم لم تسلم من ظاهرة استهدافها بتهريب المخدرات، ولكنها اختلفت عنها بتخصيص المزارع والمصانع المخصص إنتاجها لتدمير المواطن والمقيم؛ ولذا سعت جاهدة مع دول العالم في الحد من هذه الظاهرة من خلال وضع استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة هذه الآفة المدمرة، وهي من أكثر الدول إصرارًا على محاربة المخدرات، وتقف بكل عزيمة وإخلاص واقتدار على محاربتها، من خلال إبرام الاتفاقيات، وإصدار الأنظمة وسن التشريعات التي تنص على حرمة المخدرات ومعاقبة مهربيها، ومروجيها ومتعاطيها بعقوبات رادعة.
ولم تكتفِ السعودية بهذا، بل ذهبت الجهود السعودية إلى التواصل مباشرة مع الدول التي اشتهرت بزراعة وتصنيع المخدرات، ومنها لبنان للمساهمة معها في منع تهريبها إلى السعودية؛ وبعد تكرار طلب الأجهزة الرسمية من نظيراتها اللبنانية التحرك بجدية لمنع تهريب المخدرات في داخل منتجاتها الزراعية بهدف الإضرار المتعمّد بالمملكة، لكنها لم تستجب، لذا رأت السلطات السعودية اتّخاذ تدابير أكثر احترازية بمنع وصول هذه المنتجات إليها، أو المرور بأراضيها حماية للمواطن والمقيم، فهو حق سيادي ومشروع تمارسه جميع الدول عند تعرضها للخطر.
هذا الإجراء مارسته دول العالم بصورة أو بأخرى عندما منعت منتجات دول انتشر بها وباء كورونا بشكل لافت حماية لبلدانها، والمتابع لهذا الأمر يعلم أن هذه الخطوة لم تكن مفاجئة بل بعد أن استنفذت السعودية ما في وسعها من جهود لحث السلطات اللبنانية على ممارسة دورها الرقابي في منع تصدير هذه الآفة الخطيرة إلى المملكة.
للنظر فقط إلى كمية المخدرات، فالضبطيات في عام 2020 تُشير إلى تهريب ستين مليون حبة مخدرة من لبنان إلى السعودية، أكثر من 75% منها تم تهريبه بطريقة شيطانية داخل الخضار والفواكه القادمة من لبنان في عام واحد، وفي ستة أعوام بلغت المضبوطات أكثر من ستمائة مليون حبة مخدرة قادمة من لبنان، مخبأة داخل الخضار والفواكه، كفيلة بالقضاء على شباب الوطن العربي!!
ماذا تعني هذه الأرقام، ماذا يعني ابتكار هذه الحيل التي لا تخطر إلا على عقل احترف القتل والدمار والإرهاب بكافة صنوفه؟ ببساطة تعني الحرب على السعودية مواطن- مقيم- اقتصاد- صحة- مجتمع- أسرة، تعني إعلان حرب، ولكن بطريقة خفية ليس لها تبعات قانونية؛ لأنها تعمل في الخفاء، تعني أن هذه التجارة تشكل الحبل السري الذي يتغذى منه حزب الإرهاب، ويمول عملياته الإرهابية.
اللبنانيون الشرفاء يقدرون هذا الإجراء السعودي المشروع صيانة للأمن الوطني بكافة أبعاده، فهم لا يرضون أن تتحول أراضيهم إلى منطلقٍ لعمليات إجرامية تستهدف أمن أشقائهم السعوديين بالمخدرات، ومن هنا فإن المسؤولية تقع على السلطات المختصة في لبنان لمعالجة هذا الأمر؛ لتسهيل استئناف تصدير البضائع من جديد، كما يدرك الأشقاء في لبنان أن المملكة العربية السعودية كانت ولا زالت وستظل خير سند للشعب اللبناني الشقيق الذي يشهد التاريخ على تقديره وامتنانه لكل المواقف المشرّفة التي وقفتها مع اللبنانيين في كل المراحل والمحطات المفصلية، وفي ذات الوقت يدرك اللبنانيون بأن قرار المملكة بمنع دخول منتجات الفواكه والخضراوات اللبنانية أو عبورها لا يستهدف مطلقًا التجّار اللبنانيون ولا اقتصاد لبنان.

قلت لصاحبي:
علينا أن نعلم أن من استهدفنا بالمخدرات – دولًا وميلشيات- ومنظمات- هو نفسه من استهدفنا بالإرهاب، فأضلاع مثلث الشر – المخدرات، والإرهاب، وغسل الأموال، علاقتها عضوية، وأهدافها متسقة على تقويض أمننا واستقرارنا؛ بحربنا بأسلحة غير تقليدية.. من تفاح الحوثي.. إلى رمان لبنان!!.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button