تفرّد الله بالبقاء، وجعل لخلقه الزوال والفناء من هذه الحياة، ويبقى الإنسان من أكرم المخلوقات الفانية على وجه الأرض وموته مصيبة من المصائب، وابتلاء من الله -سبحانه وتعالى- لخلقه، ويبقى الصبر عند الابتلاء من أعظم النعم على الإنسان والإيمان بقضاء الله وقدره فكيف عندما يكون الفقيد منصوب قبيلة، وذو مكانة اجتماعية وشخصية معروفة بين أبناء القبائل؛ فلن يكون ألمه على أسرته فقط بل يكون ألم فراقه على أبناء قبيلته والقبائل الأخرى التي تربطهم به علاقة، ومعرفة، وصداقة، ومواقف مشرفة.
كان يوم الإثنين الواحد والعشرون من شهر رمضان المبارك من عام ألف وأربعمائة واثنين وأربعين للهجرة يومًا غير عادي على قبيلة بالمفضل بزهران هذا اليوم الذي فقدت فيه منصوبها وشيخها السابق الشيخ رزق الله بن مطر بن رزق الله الزهراني الذي تولى منصب مشيخة قبيلته في صغر سنه، وهو على مقاعد الدراسة؛ ليضحي بتعليمه ومستقبله من أجل أن يكون خلفًا لوالده الشيخ مطر بن رزق الله -رحمهما الله- ليكون خادمًا لقبيلته وراعيًا لشؤونها؛
فلم يأتِ اختياره شَيخًا ومنصوبًا للقبيلة، وهو بذلك السن من فراغ إلا لما كان يتمتع بها من صفات المشيخة، اتصف بالذكاء والدهاء والحكمة والجراءة في الكلام والصدق في القول، واحترام الصغير قبل الكبير يأخذ برأي أصحاب الرأي والمشور؛ وخاصة كبار السن الذين كان يقدمهم في إعطاء علوم الديرة والسيرة واستقبال علوم مشائخ القبائل، والرد عليهم رغم وجوده بينهم؛ لأن لهم المكانة والإجلال والتقدير لديه يأخذ بآرائهم في إدارة شؤون قبيلته، وحل المنازعات والخصومات بين المتخاصمين اكتسب الكثير من الخبرات حتى أصبح يٌشار له بالبنان في مجال الإصلاح.
ولم تقتصر صفاته على هذه الصفة فحسب بل اتّصف بالشجاعة كان لا تأخذه في الحق لومة لائم، واتّصف بالعطاء والسخاء والكرم كان قلبه مفتوحًا قبل مجلسه المشرّع لاستقبال الصغير، والكبير منهم الضيف، والمحتاج سعى إلى قضاء حوائج الناس،
ومبادرًا ومشاركًا لأبناء قبيلته والقبائل الأخرى في أفراحهم وأحزانهم احتل بصفاته وأفعاله التي تعجز الأقلام عن تدوينها والمجلدات عن حملها مكانة كبيرة في قلوب الناس وهبه الله قبولًا غير عادي لدى قبائل زهران وغيرها من القبائل كان جبلًا شامخًا لاتهزه العواصف بحرًا بعطائه يعطي بسخاء دون منّه، قاضيًا في إصلاحه حكيمًا في شوره صائبًا في رأيه،
واليوم يودعك أهلك ومحبوك والقلوب تعتصر أَلَمًا على فراقك ولا نقول إلا مايرضي الله. إنا لله وإنا إليه راجعون.
يبقى العوض في إخوانك الأفذاذ، وأبنائك النجباء فمن خلّف مثل أحمد وإخوانه لم يمت بل سيكون حيًّا بيننا بذكره ومكانته وشموخه.
رحمك الله أبا أحمد رحمك الله يا فقيد زهران، وألهم أهلك ومحبيك الصبر والسلوان.
1
رحمه الله وغفرله واسكنه فسيح جناته ويلهم أهله الصبر والسلوان انا لله وانا اليه راجعون الله