تألمت كثيرًا لانهيار بيت ذاكر؛ ليلحق بركب البيوت التاريخية التي انهارت أو احترقت من قبل.
وأعادتني لقطات انهيار بيت ذاكر إلى ما كتبته قبل سنوات في كتابي (بيوت البلد) حينما تناولت بعض المزايا العمرانية والإنشائية لبيوت جدة القديمة، وقلت إنها في الغالب قوية وراسخة ولا تنهار فجأة بل يكون لها مقدمات ومؤشرات قبل سقوطها، وهو ما يسمى (طرق) فيقال (البيت يطرق) يعني على وشك السقوط كله أو جزء منه فتسمع لذلك صوتًا، وقد ترى بعد ذلك تصدعًا وسقوط بعض الأحجار؛ وكأن البيت بهذا (الطرق) يستأذن قبل السقوط، ويمنح الجميع فرصة الخروج منه، والابتعاد عنه حتى لا ينهار عليهم.
وكان في جدة القديمة معلمون مهرة تميزوا بقدرتهم على التعامل مع البيوت الآيلة للسقوط .. فعندما يطرق البيت يتداركون الأمر سريعًا، ويستطيعون تدعيمه بمرابيع وقدد وتكاليل وأحجار يضعونها بعناية تحت الجدار المتصدع، وفي أماكن تحفظ للبيت توازنه وثباته إلى أن يتم معالجة الجزء المتصدع أو استبداله بجدار جديد ثم يتم رفع القدد والتكاليل والأحجار الساندة له، ويستعيد البيت ثباته ويرجع إليه سكانه وكأن شيئًا لم يكن.
أتمنى من مهندسي أمانة جدة، ومن العاملين على ترميم مباني جدة التاريخية أن يراعوا الوهن الذي أصاب بيوت البلد عبر الزمن، ويتعاملوا معها بحذر شديد ودقة وعناية في كل خطوة من خطوات الترميم .. وحبذا لو تم الكشف على البيوت الآيلة للسقوط، ومعالجة تصدعاتها سريعًا قبل الشروع في مرحلة الترميم وإعادة التأهيل.
والله الموفق ،،
مستشار إعلامي
0