قال صاحبي: يُتداول هذه الأيام مقال صحفي عن جنسية قاتل رابع الخلفاء الراشدين رضي الله عنه، وقد علّق عليه البعض بأنه كتب في حفلة “تخزين” وقال أخرون بغباء الكاتب، وغيرها من الأقاويل والتعليقات الساخرة، التي اكتفت من المقال بالعنوان.
قبل الخوض في هوية القاتل الحقيقية، دعونا نتعرف على من قام بتنفيذ المؤامرة، وهو عبد الرحمن بن مُلْجَم المرادي المذحجي، وبالعودة إلى الخارطة القبلية، نجد القاتل تعود أصوله إلى أرض اليمن، وليس هذا هو المهم أيضًا.
أعود للمقال الذي كُتب قبل ما يزيد عن الخمس سنوات بقليل، وأغلب التعليقات الواردة عليه لم تقرأه جيدًا، ولم تسبر مضمونه، وأهدافه، وإسقاطاته، ومغالطاته البينات، من أجل ربط أعمال العنف والإرهاب في المملكة العربية السعودية.
المقال لم يكتب في لحظة تخزين القات كما اعتقد البعض، ولكنه كُتب في لحظة فيضان الحقد على بلادنا، ومحاولة استجرار الأحداث التاريخية، وإسقاطها على الحوادث المعاصرة، ولي أعناق النصوص القرآنية، والاستشهاد بها لتوافق هواه، وفبركة قصص وروايات تاريخية لم تحدث إلا في مخيلته، ولم تثبتها الأسانيد التاريخية المعتبرة لدى أهل التاريخ.
وعندما نقول للآخرين بأن مكة المكرمة والمدينة المنورة أقدس بقاع الأرض، ونتعبد الله بحبهما، والدفاع عنهما، كما هو شأن بقية المسلمين في كل زمان ومكان، يجب أن نعترف بوجود من ينسب نفسه قديمًا وحديثًا للإسلام، والإسلام منه براء، كالقرامطة وأحفادهم الذين لم يشبع حقدهم الاعتداء الآثم على مكة المكرمة بصواريخهم، بل ذهب القرمطي المعاصر صاحب المقال، -وكل إناء بما فيه ينضح-، بجعل هذا البلد المقدس، قبلة للقتلة!! مستحضرًا حوادث تحدث في كل زمان ومكان، دون أن يُطلق عليها ما تجرأ على وصفها به هذا المستكتب.
مكة المكرمة سماها القرآن الكريم، أم القرى، ولهذه التسمية أبعادها وأهميتها، هي التي اختارها الله؛ لتصبح مسقط رأس سيد البشر، وقبلة للمسلمين، ومنها سطع منها نور الإسلام، الذي حارب الظلم، والإرهاب وحرم الاعتداء وجرمه، وأسس للعدل وحقوق الإنسان، وغيرها من القيم والمشتركات الإنسانية السامية، لم يرَ فيها هذا الأجير إلا حوادث فردية، إن صحت روايتها، فهي محسوبة على أصحابها، وصدق الله، “فإنها لا تعمى الإبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور”.
ولأن هذه القلوب مريضة، فهي تتعامى عن جهود السعودية في مكافحة الإرهاب وإسهامها بشكل فاعل في جميع المحافل الدولية والإقليمية، وبذلها لجهود كبيرة على المستوى التشريعي والقضائي والتنفيذي، وحث المجتمع الدولي على التصدي للإرهاب وتبنى عمل شامل في إطار الشرعية الدولية يكفل القضاء على الإرهاب، ويصون حياة الأبرياء ولم تكتفِ السعودية بالقول بل اتبعته بالعمل من خلال خطوات عملية على المستوى المحلى والعالمي، ومنها:
• لم تقم السعودية بالتعامل مع الإرهاب كقضية أمنية فقط، بل تعاملت معها في مسارين متكاملين، القراءة الأمنية، والقراءة الفكرية المتمثلة بإنشاء مراكز للمناصحة، والتي كان محل إعجاب دولي بطريقة تعامله مع كل من يعتنق الفكر المتطرف.
• السعودية أول دولة توقع على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي في منظمة المؤتمر الإسلامي مايو 2000.
• عملت السعودية على إنشاء تحالف دولي إسلامي لمحاربة الإرهاب، يضم في عضويته أكثر من أربعين دولة.
• دشّنت السعودية خلال قمة الرياض وبمشاركة قادة 55 دولة في العالم، المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال).
• إنشاء مركز الحرب الفكرية التابع لوزارة الدفاع، ويرأس مجلس أمنائه ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان.
• صادقت السعودية على عدد من المعاهدات الدولية لمحاربة الإرهاب ومنها معاهدة طوكيو، (1963م) واتفاقية لاهاي (1970م) الخاصة بخطف الطائرات، واتفاقية حماية الدبلوماسيين (نيويورك، 1973م)، واتفاقية سلامة الملاحة البحرية (روما، 1988م) والاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب (نيويورك، 1999م)، واتفاقية قمع الإرهاب النووي (نيويورك، 2005م) وغيرها.
• تبرع السعودية بأكثر من مائة مليون دولار لإنشاء مركز الحوار بين اتباع الديانات في فينا.
• قدمت السعودية تبرعًا ماليًا بمبلغ مائة مليون دولار دعمًا للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب (UNCCT).
• قدّمت السعودية مبلغ مائة مليون يورو للمساهمة في إطلاق القوة الجديدة المشتركة لمكافحة الإرهاب في دول الساحل الأفريقي.
هذه بعض الجهود السعودية الخاصة، والثنائية والإقليمية والدولية في مجال مكافحة الإرهاب.
قلت لصاحبي:
من قتل الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، هو من قتل الحُجاح، وسرق الحجر الأسود، وعطل فريضة الحج، وهو من قتل الحسين، وهشام الهاشمي، ولقمان سليم، من قتل علي بن أبي طالب هو القاسم المشترك في مآسي منطقتنا.
0