الثقافيةحوارات خاصة

المالكي: ولادتي في الخط العربي كانت بعد تكريمي من الأمير خالد الفيصل

عشق الخط العربي منذ نعومه أظفاره، وصار هوايته المفضلة التي يكرّس من وقته الكثير لتنميتها وتطويرها وتعلم خفاياها وأسرارها حتى أبدع واستحق الفوز في مسابقة “تراثنا” التي نظمتها شركة أرامكو السعودية برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل حفظه الله.
وفي لقاء مع صحيفة “مكة” الإلكترونية، يتحدث الخطاط عبدالرحمن بن عبدالله المالكي، عن البدايات التي عشق فيها الخط العربي بأشكاله وأنواعه المبهرة وفنونه المذهلة وصولاً إلى التكريم بجائزة المركز الأول.

بالنسبة لأهمية الخط العربي وشغفي به فقد بدأ منذ سنين الدراسة، كان هناك مقرر للخط العربي في صفوف المرحلة الابتدائية، وكنت أحب هذه المادة كثيرًا، لدرجة أنني أنهيت المقرر قبل نهاية العام الدراسي”.
وأضاف: “كما كنت في بعض الحصص الدراسية أنشغل بالتخطيط والرسم والخط حين أفهم المراد من الدرس في بداية الحصة، وكانت محاولاتي في الخط نابعة من الرغبة في تمضية الوقت دون وجود هدف معين، ومع تطور الاهتمام من حولي بما أكتبه، لدرجة أن أحد معلمي اللغة العربية في المرحلة المتوسطة توجه بطلب أن أكتب اسمه في ورقة وأنثى على قدراتي في الخط مما حفزني لمواصلة التدريب والمحاولة وزاد شغفي تجاه هذا الفن البديع”.

وتابع: “أظن أن بدايتي الفعلية كانت في عام ٢٠١٧م وذلك عند زيارتي لمعرض خصص للخط العربي آنذاك فلفت نظري وزادني إعجابًا وحرصًا على صقل هذه الموهبة وتطويرها، ولا أخفي أن الدافع الذي كان يحفزني في البداية كان ماديّا في الأغلب، ولكن بعد دخولي في عالم الخط العربي كما أحب تسميته، فقط أصبح هذا الفن جزءًا من حياتي لا تنفصل عنه”.

وأشار المالكي إلى أن “من أبرز ما أثر في نفسي أن الخط العربي قد ارتبط بالقرآن الكريم بالإضافة إلى أن سير الخطاطين عبر التاريخ كانت تصفهم بالبعد عن الماديات والحرص على تنمية الروح والجانب الإيماني والعقدي، فكلما زدت اهتماما وحرصا واكتسابا للمهارات واختلاطا بسير الخطاطين عبر التاريخ أجد نفسي تميل إلى ما كانوا عليه”.

وحول مراحل تطور رحلته مع الخط العربي وأبرز معالمها حتى الآن، قال المالكي: “هناك عدة مراحل، في أولها مرحلة الطفولة: حيث كنت أقوم بالتخطيط والرسم وتمرنت أثناءها على وسائل وطرق ثبات اليد وطرق استعمال أدوات الرسم والخط، حيث كنت أجرب هذه الأدوات والأقلام بطريقة أستمتع بها لكن دون وجود قواعد محددة فهي مرحلة اتسمت بالممارسة غير المتخصصة وكان فيها خطي جميلاً لغير المتخصصين في الخط”.

وبيّن أن “المرحلة الثانية: من منتصف عام ٢٠١٦ إلى منتصف عام ٢٠١٧م، ويعد هذا العام من الأعوام المفصلية في مسيرتي مع الخط، وذلك بعد زيارتي لمعرض للخط العربي ألهمني دراسة هذا الفن بشكل تخصصي وقد وعدت نفسي على مسمع من صديق رافقني في تلك الزيارة أن أقوم بتطوير وصقل مهارتي في الخط”.
واسترسل المالكي: “حينها بدأت بالقراءة والبحث حول أصناف الخط العربي وأنواعه وفروعه، وكان همي هو اختيار النوع الذي أرغب بالتعمق فيه ودراسته بشكل دقيق، كما انهمكت في عالم أدوات الخط وهو ما استغرق مني وقتا طويلاً لتعلمه وتجربة أصنافه بطريقة عملية، بدأت بأوراق الإعلانات “المصقولة” مرورًا بأعواد قصب متواضعة وحبر طابعات كنت وجدته في نادي الطلاب بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حيث كنت طالبًا فيها آنذاك”.
وأشار إلى أن “هذه المحاولات استمرت حتى وجدت نفسي في “خط الثلث”، وذلك لأمرين، أنه كان من أوائل الخطوط التي يتعلمها الخطاطون في العصر الذهبي للخط العربي، والثاني كونه من أجمل أنواع الخط العربي وأصعبها وبمعرفته يسهل ممارسة بقية أنواع الخطوط”.

واستكمل المالكي: “بعد اكتشافي لما أود تعلمه من أنواع الخط العربي، حاولت البحث عن أفضل مراجع تعلم خط الثلث، ووجدت ضالتي في كراسة الخطاط الراحل محمد شوقي رحمه الله، وبدأت في تقليد ما كنت أطلع عليه في تلك الكراسة، وذلك من خلال تكرار الحروف وتعلم طريقة كتابة العبارات مثل: “ربّ يسّر ولا تعسّر”، وكان الوقت الذي خصصته في تلك الفترة من الساعة الثالثة عصرًا وحتى الثانية ليلاً، وهي مما أسهم في تسارع تعلمي للخط نظرًا للوقت الطويل في ممارستي للكتابة والتمرين، ولله الحمد، ولا شك أن لذلك ضريبة تمثلت في ألم الرقبة بالإضافة لضعف البصر بسبب التركيز الشديد لساعات طويلة مع شدة الإضاءة، وبعد هذا استطعت تقديم أول عمل في الخط العربي وكانت لوحة اسم “محمد” بخط الثلث الجلي”.

واستدرك: “بعد انتهائي من هذه اللوحة، حاولت الوصول لعميد الخطاطين السعوديين وهو الخطاط ناصر الميمون حفظه الله، وحين عرضت عليه لوحتي أثنى عليها بشكل كبير وشجعني لمواصلة تطوير مهارتي وكان لذلك أثر ايجابي كبير علي، ونصحني بمواصلة التدريب والعمل المستمر على تطوير مهارتي”.

أما المرحلة الثالثة، فقال: “قمت بإنشاء حسابات شخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، وأسهم ذلك في وجودي في بيئة محفزة لمواصلة التدريب والتعرف بالخطاطين حول العالم، والاستفادة من خبراتهم والاستماع لتجاربهم، بالإضافة إلى مواصلة التجارب الخطية وعرضها باستمرار، كل ذلك حتى جاءت مسابقة خط من تراثنا والتي أقامتها شركة تراثنا التابعة لأرامكو السعودية، وقد فوجئت بأن مشاركتي فازت بالمركز الأول وهي أول مشاركة فعلية لي في المنافسات المتعلقة بالخط العربي في المملكة العربية السعودية”.

وأوضح المالكي: “شرفت بأن كان على منصة التكريم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل حفظه الله، والذي عرف بحبه للخط العربي وكان أن خاطبني أثناء التكريم بعباراته الأبوية طالبًا مني الاستمرار في تقديم المزيد من المشاركات في الفعاليات القادمة، ويعد هذا اللقاء معه حفظه الله بمثابة ولادة في عالم الخط العربي”.

وقال المالكي في ختام حديثه، شرُفت بدعوة صحيفة مكة الالكترونية، وأشكر القائمين عليها على دورهم في تغطية المناسبات الفنية والإعلامية، وواختتم حديثه، بعرضه لبعض الأعمال التي نفذها في الخط العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى