المقالات

مبادرة (رسم وطن) هدر وتشويه بصري

كثير من المجسمات الفنية في الميادين والشوارع والطرقات تكون ذات جمال وحس فني عالٍ يجذب أنظار المجتمع للتأمل فيها والوقوف عندها؛ وذلك من روعة تصميمها وجمال تنفيذها، وبعض المبادرات التي نُفذت؛ بهدف تحسين المشهد البصري هي في الواقع تشويه للمشهد، من خلال بعض الخدمات البلدية التي لا تزال تعيش حالة من التذبذب بين التقدم والرقي والتراجع الذي ينسف كل جهد، فنجد أن تقدم ألف خطوة ينسفه تراجع خطوة واحدة في عصرنا الحديث الذي أصبح فيه التطور والتقدم عنوانّا للحضارة.
وما يهمنا في هذا المقال أنه بتاريخ 26 رمضان 1442هـ تم الإعلان عن تدشين مبادرة تسمى (رسم وطن) في ممشى التحلية بمحافظة جدة في إطار المبادرات المجتمعية التي تستهدف الرسم على عدد من السيارات القديمة والخربة، وتحويلها إلى تحف جمالية من خلال إعادة تدويرها لتصبح أعمالًا فنية تسهم في تحسين المشهد البصري في محافظة جدة من خلال تعزيز الشراكة المجتمعية، والاستفادة من مواهب وقدرات الفنانين التشكيليين، ودعم أعمالهم الإبداعية، وإتاحة عرضها في الطرق والمرافق العامة.
ولكن للأسف أن المبادرة كانت غير موفقة، ولم تجد القبول كشراكة مجتمعية، وشهدت ردود أفعال ساخطة من المجتمع؛ حيث تضمنت التعليقات على حساب أمانة جدة بتويتر وجود استفتاء لأكثر من (23000) مشارك، صوّت نسبة ٩٧٪؜ منهم يرون أن مبادرة “رسم وطن” تشويه بصري يجب إزالته. كما أن معظم التعليقات تحكي وتطرح الكثير من علامات الاستفهام حول آلية اختيار الفكرة، واعتماد تنفيذها التي مرت بدوائر أصحاب القرار فمنظرها السيئ وألوانها الكئيبة أزعجت من شاهدها سواء من هم حول الموقع أو الذين اطلعوا عليها في وسائل التواصل الاجتماعي، ووصفوها بأنها مبادرة تشويه بصري، وأنها افكار مستهلكة قديمة لا تجاري العصر الحديث.

وأنا وكل غيور على وطنه نتساءل لماذا ؟ لم يتم الاستفادة من التجارب السابقة التي كلفت الكثير من الجهد والوقت والمال ثم كان مألها الفشل والإزالة !! وأضرب على ذلك مثالًا أن مثل هذه المبادرة سبق وأن تم تجربتها بأشكال شواخص من الحجارة في إحدى المناطق وصفها المجتمع بأنها منظر يشبه المقابر، وتم إزالتها بعد كثرة الشكاوي والاعتراض عليها، وتبقى مشكلة عدم الاستفادة من التجارب السابقة قائمة وتكرار استمرارها يوحي بأنه لا فائدة ولا جدوى من مؤهلات وخبرات ومهارات من يقف خلفها، وأضرب مثالًا آخر، وهو مجسم السمكة في أبحر الذي كلف المال والجهد، وأصبح الآن يشكل تشويهًا بصريًا أخذ الكثير من الجدل والانتقاد في وسائل الإعلام، وهناك الكثير من الأمثلة التي لا يتسع المكان لذكرها، وأصبح هذا الأمر يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول الهدر المالي في مثل هذه المشاريع التي تثبت أن هناك خللًا في اختيار القيادات الإدارية للإدارات والأقسام المتخصصة التي تفتقد التخصص والمهارات والخبرات الفنية، والقدرة على الإبداع في مثل هذه المشاريع، وغيرها من الخدمات البلدية.

Related Articles

One Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button