المقالات

وداعًا رمضان

يا عشق الأتقياء والأنقياء …
يا شوق الأغنياء والفقراء

ها نحن نعيش اللحظات الأخيرة من موسم الإيمان، عمرناه بطاعة الرحمن، وتقربنا فيه بالنوافل وقراءة القرآن، وتزودنا فيه بالدعاء للوالدين، شَهْرُ الخيراتِ والبركات، والمِنَح والْهِبَات.
شهر كريم، وموسم عظيم، أظلنا وأبعدنا عن نار الجحيم. عظم الله فيه الأجر، وأجْزلُ المواهب،
وأفتح فيه أبواب الخير لكل راغبٍ، وأغلق فيه أبواب النيران لكل عابدٍ وزاهدٍ.
شهرٌ يقول الخالق فيه مناديًا: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر. فيرضى الله سبحانه وتعالى على من صامه وقامه وبالتقوى زاده. فنسأل الله أن نكون ممن ظَفَرَ به، وليس ممن حُرموا منه.
فوداعًا بما أودعناك به، يا شهر العبرات والبكاء، والمناجاة برفع أَكُفَّ الضَّرَاعَةِ إلى السماء،
والابتهالات برفع الوباء، والتضرع بإزالة البلاء.
فمع انصرام أيام هذا الشهر الفضيل وذهاب لياليه الإيمانية الرمضانية؛ ذات النفحات الربانية الروحانية يجب أن نقف مع أنفسنا وقفة محاسبة ومراجعة لما قمنا به من عبادات أو من تقصير.
كيف استقبلناه؟ ​​​​​ ​​ ​
وكيف سنودعه؟
وماذا استفدنا منه؟ ​​​​​​​ وماذا تعلمنا فيه؟
وما أثره على النفس؟ ​​​​ ​
وما ثمرته في مدى تأثيره على أخلاقنا وسلوكياتنا؟
ليس فقط في هذا العام بل في كل الأعوام التي انقضت في حياتنا، والتي ستأتي إن شاء الله.
فلا نعلم هل كان رمضان شاهدًا لنا أو علينا، ولا نعلم هل سندركه مرة أخرى أم يحول بيننا وبينه هادم اللذات ومفرق الجماعات؟! إنه أسوأ شعور علينا كمسلمين، نئن بألم لوعة فراقه، وبفؤادنا شجى أحزانه، لنودع أيامه.

فهنيئًا لمن كان رمضان عنوانَ توبته، وساعة عودتِه واستقامتِه، ولحظة محاسبته.
هنيئًا لمن عفا عنه العفوُّ الكريم، وصفَحَ عنه الغفورُ الرحيم،
هنيئًا لمن أُعتِقت رقبتُه وفُكَّ أَسرُه، وتحقق مراده، وفاز بالجنة وزُحزِح عن النار.
هنيئًا لمن جعل رمضان كقاعدة ينطلق منها إلى كل ما هو فيه خير؛
فيا من أَلِفَ الحق تمسك به، واستمر عليه، فإن من علامات قبول العمل؛ المواصلة فيه، والاستمرار عليه؛ فإن عمل المؤمن لا ينقضي أبدًا…
لذا فبعد يوم سنستقبل شهر شوال، وفيه صيام تطوع ستة أيام، فمن صامها بعد صيام رمضان فكأنما صام الدهر كله.
في النهايــة أريد أن أقول … متى سيتوب من لا تاب في رمضـــان، ومتى سيعود إلى الرحمــن من لا عــاد في رمضان ..
فأتمثل ببيت القصيد:

يا غافلًا وليالي الصَّومِ قد ذهبت …

زادت خطاياك قف بالباب وابكيها

أسأل الله أن يجعلنا ممن قبل صيامه وقيامه وذكره وتلاوته .. ربنا تقبل منا أحسن ما عملنا، وتجاوز عن سيئاتنا.
فوالله أني لا أدري، وأنا أرقم هذه المقالة .. أهنئكم بقرب حلول عيد الفطر المبارك.. أم أُعزيكم بفراق شهر العتق والغفران .. وأخيرًا وليس اَخرًا ،،، أقول:
بكت العيون على الفراق …

قد كان ضيفًا حلّ بعد اشتياق
ضيفًا كريمًا مُلِئ بفضائل الأخلاق …
صيام وقيام.. وطيب الإنفاق

—————————

عضو هيئة التدريس بجامعة الطائف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى