المقالات

إسرائيل تواصل تهويد القدس كعاصمة لدولتهم

تتوهم إسرائيل أنها تستثمر الأمر الواقع في المنطقة والصراعات بين الأيديولوجيات والمشاريع بين السعودية وإيران ومصر وتركيا، فهناك مشروعان يهددان المنطقة العربية، هما مشروع ولاية الفقيه الذي يٌسمي نفسه بمحور المقاومة والممانعة، ومحور الخلافة الإخوانية، وتنتمي إليهم منظمة حماس، التي اختطفت مليوني فلسطيني لمشروعها، وترفض توحيد الجبهة الفلسطينية وفق المطالب العربية السعودية المصرية.

استثمر نتنياهو واليمين المتطرف صراع الفلسطينيين على السلطة وخلافاتهم السياسية والأيديولوجية، واعتقد أن منظمة حماس أسيرة هدنة بعد مواجهات 2014، وأن المنطقة العربية غارقة في مواجهة النفوذين الإيراني والتركي، وكذلك الولايات المتحدة غارقة في مفاوضاتها النووية مع إيران في فيينا، وظنت إسرائيل أن العالم العربي والإسلامي والعالمي غير مهتم بالقضية الفلسطينية خصوصًا وأن إسرائيل بدأت تعول كثيرًا على التطبيع الذي تسير فيه كثير من الدول العربية معها.

أعتقد كذلك نتنياهو أنه يمكن أن ينقذ مستقبله السياسي هو وحزبه من أن يواصل استكمال تهويد القدس كعاصمة لدولتهم التي دشنها الرئيس الأمريكي ترامب، ولكنه أجلها بعد ضغط سعودي، ويرفضها اليوم بايدن، ولا يمكن أن تستمر الخطوة إلا بالسيطرة على المسجد الأقصى وإجلاء الفلسطينيين من القدس بدءًا بحي الشيخ جراح لإحلال المستوطنين مكانهم، والمشكلة أنه وفق القضاء الإسرائيلي، وهي الديموقراطية التي تتحجج بها إسرائيل والعالم الغربي الذي يطالب الدول العربية من أن تكون دول ديموقراطية على غرار إسرائيل، ويتجاهل أنها دولة محتلة لشعب صاحب أرض.

شرارة الأزمة عندما قام المقدسيون بالتصدي لجيش الاحتلال وللمستوطنين ولليمنيين المتطرفين لتحويل المسجد الأقصى لكنس يهودي، لكنهم يواجهون شعب الجبارين الذين يدركون أن المسجد الأقصى ثالث الحرمين الشريفين، فالدفاع عنه دفاعًا دينيًا قبل أن يكون وطنيًا لشعب يتمسك بأرضه وبمقدساته، والتي انتفض لها الشعب الفلسطيني بأكمله من النقب إلى الجليل ويافا واللد ضد تهويد القدس، ومصادرة الأراضي، وتوطين الإسرائيليين كأمر واقع.

هناك علاقة ملتبسة خفية بين حزب الليكود وتنظيمات الإسلام السياسي وعلى رأسها حماس، قد تكون هناك منافع متبادلة ومتقاطعة تعزز من تماسك حماس المرتبطة عضويًا بإيران في مزاد اسمه فلسطين وبجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر، وتواجه بلدها مصر من خلال منصات أتاحتها لهم تركيا في إسطنبول، وهم يرون أن فلسطين جزء من اللعبة السياسية التي كان الدين مجرد واجهة لتحقيق أهدافهم.

إيران لا تعرف سوى استغلال مآسي الفلسطينيين لتحقيق مصالحها، ولو أرادت مساعدة حماس لأرسلت لهم صواريخ بالستية ضاربة تهدد بالفعل أمن إسرائيل بدلًا من تهريب الصواريخ البالستية إلى الحوثيين لتهديد أمن الحرمين الشريفين، هي بذلك عدو لا تقل عن عداوة إسرائيل بل أكثر عداوة؛ لأنها دولة مسلمة.

نجد الآن روحاني يستثمر جراح الفلسطينيين ظنًا منه أنه يحرج الدول العربية، فيما إيران هي دولة مسلمة ودولة كبيرة عليها واجب الدفاع عن القدس مثلها مثل بقية الدول العربية الكبيرة الأخرى بل عليها وقف تهديد هذه الدول العربية ووقف تهديد الحرمين الشريفين، نجدها تنتقد مصر والأردن ودول أخرى في المنطقة تقصد السعودية فقط من أجل استثمار خطابه سياسيًا في الهجمات المتبادلة بين الإسرائليين والفلسطينيين، وهي سياسة دائمًا ما تستخدمها السلطات الإيرانية لدغدغة مشاعر المسلمين والعرب ضد هذه الدول، وهي ترسل الصواريخ البالستية للحوثيين لضرب مقدساتهم الحرمين الشريفين، كان الأولى أن ترسلها للمدافعين الفلسطينيين عن ثالث الحرمين الشريفين.

كان هناك دور لمصر التي انتقدت مجلس الأمن تجاه تدهور الأوضاع في القدس، واعتبرت أن مجلس الأمن دأب على التنصل من مسؤولياته بما يفقده مصداقيته، واعتبرت مصر أن المواجهة الحالية لم تندلع من فراغ، وإنما على خلفية الغياب الكامل لكل أفق سياسي بل هددت مصر من أن علاقتها بإسرائيل ستتأثر، وسيكون استمرار إسرائيل في عنجهيتها وعدوانها انعكاسات خطيرة على كل شيء بما في ذلك العلاقات الأردنية الإسرائيلية، ودعا مجلس وزراء الخارجية العرب المحكمة الجنائية الدولية إلى المضي قدمًا في النظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.

أستاذ بجامعة أم القرى بمكة

Related Articles

One Comment

  1. بدءاً أحيي تل الموضوعية والتأني في معالجة قضية شائكة محاطة بالمحظورات والمواقف المسبقة ذات أبعاد تسطيحية كما عند بعض المندفعين لكنها طبعا وبلتأكيد تبقى القضية الأكثر اجتراحاً واستدعاء لمنطق العقل العلمي والتنوير الفكري كيما يمكن للمجتمعين المحلي والدولي معالجتها بصورة شاملة كلية ونهائية.. وأدرك توقف المعالجة هذه عند جانب صغير وإطلالة من نافذة بعينها.. إنما وددت للأهمية التوكيد على حقيقة أن القضية تستدعي وضوح رؤية مبادرة السلام العربية والتركيز على الدفع بها إلى الواجهة كونها تفضح من يتخفى من شراذم إسلام سياسي وزيف أضاليله وأباطيله سواء الولي [الفقيه] أم الأخونة واجترار السلطنة العثمانية من مجاهل تاريخ الانكشارية وتهديداتها … إن الجريمة الجديدة ترتبط بحلقات جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية بضمنها محاولات التغيير الديموغرافي المحظور في القانون الدولي و\أو فرض قوانين إسرائيلية في الأراضي المحتلة بالمخالفة كذلك مع القانون الدولي كما في قضية الشيخ جراح.. وعلينا أن نضخ خطابا موضوعيا وأن نتذكر أن المقاومة السلمية لأهالي القدس الشريف قد دفعت لفضح الجريمة وتوحيد التضامن الدولي حتى جاءت صواريخ ((حماس)) لتغير الموقف ويستغلها نتنياهو لإنقاذ أوضاع المتهالكة واحتمالات تشكيل كابينة بعيدا عنه… إننا بحاجة لوضع مستويات التكتيك ومباشرة الأمور الجارية بكل جراحاتها وعذاباتها لأهلنا بفلسطين مثلما تمسكنا باسترايجيات الحل عبر مبادرة السلام العربية التي أطلقها الراحل الملك عبدالله وهذه القضية لربما تتأتى من موقف شعبي عربي موحد فضلا عن المواقف الرسمية وإلا فإننا نتجه لمزيد تدهور بأوضاعنا جميعا وسيقودنا تهور المتشددين المتطرفين وإرهابهم لنكبات أكثر في فظاعاتها ونائجها مما جرى… احترامي وتقديري لمعالجاتك وتحية لمنصة هذه الصحيفة بنشرها هذا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button