قال صاحبي: بمناسبة مرور أربعة عقود على تأسيس مجلس التعاون الخليجي، ما أهم إنجازاته، وهل لبى التطلعات، وما أهم التحديات السابقة واللاحقة في مسيرته، وكيف يمكن تجاوزها، وماذا يجب عمله خلال الفترة القادمة؟
تحفل ذاكرة أبناء الخليج العربي بذكرى تأسيس مجلس التعاون الخليجي، الذي أعلن عنه في الخامس والعشرين من عام 1981 في أبو ظبي، ولكن ما لا يعلمه الكثير أن فكرة المجلس بدأت في عام 1976، وقد سرعت الحرب الإيرانية العراقية من ظهوره، واستوجبت تحركًا جماعيًا لدول مجلس التعاون، للحيلولة دون انتشار رقعة تلك الحرب.
ولكن الذكرى في هذا العام مختلفة لأسباب متعددة، من أهمها؛ مرور أربعين عامًا على تأسيس هذا الكيان الخليجي، تبدل وتغير الظروف الإقليمية والدولية خلال هذه الفترة، فكرة التعاون تحولت في بعض ملفاتها إلى تكامل، وبقي التعاون هو السمة الغالبة خلال هذه المرحلة والمتكيف مع ظروف ومعطيات، بدورها تغيرت واختلقت جذريًا في بعض مكوناتها، ما يستوجب التحول السريع لمواكبتها بأدوات عصرية قوية.
خلال هذه المرحلة من عمر المجلس حقق المزيد من الإنجازات السياسية، والاقتصادية، والأمنية، والعسكرية، المنسجمة مع ديباجة النظام الأساسي للمجلس، والتي لبت بعضًا من تطلعات أبناء خليجنا العربي، ولازال لدى القيادات الشيء الكثير من التطلعات، بل إن سقف هذه التطلعات مرتفعًا، والوقت قد حان لتسريع خطوات التقارب التي ستقودنا إلى التكامل، وصولًا للاتحاد.
عقد زعماء الخليج العربي خلال هذه المرحلة ستًا وستين قمة، منها إحدى وأربعون قمة اعتيادية، وسبعة عشر قمة تشاورية، وأربع قمم استثنائه، وثلاث قمم خليجية أمريكية، وقمة خليجية مغربية، ومثلها مع بريطانيا، توزعت هذه القمم بين دول الخليج الست، ساهمت في تحقيق التجانس في المواقف التي اتخذها مجلس التعاون الخليجي في الدفاع في مواجهة المخاطر المشتركة التي تواجه دوله؛ وفي توحيد مواقفه من القضايا العربية والإسلامية؛ حيث كانت فلسطين الحاضر الذي لا يغيب في جميع القمم الخليجية، التي أكدت دعمها لحقوق الشعب الفلسطيني، ورفض واستنكار السياسات والإجراءات العدائية ضده، وبذل المساعي والجهود لإقامة دولة فلسطينية، قابلة للحياة وعاصمتها القدس.
بعد أربعة عقود نحن بحاجة لعقد قمة خليجية خاصة لتقييم أداء المجلس، ورصد التحديدات الحالية والمستقبلية، والعمل على إيجاد الحلول الجذرية للتعامل معها، والأهم هو الإيمان الجماعي بأن الانتقال إلى مرحلة جديدة من التكامل وصولًا للاتحاد، هدف استراتيجي، وليس من باب الرفاه، لذا يجب العمل على تحقيقه، خصوصًا وأننا مدركون لحقيقة التحديات التي تحيط بنا، ولا تستثني منا أحدًا، فالجميع في مركب واحد.
فهل تتحقق رؤية الآباء المؤسسين التي نص النظام الأساسي للمجلس عليها والمتمثلة «بتحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولًا إلى وحدتها، وتعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات”.
المجلس بحاجة لإعادة هيكلته لمواجهة المستقبل خلال الأربعة عقود القادمة، خصوصًا وهو يمتلك تجربة ثرية من التعاون، ومقومات مشتركة كثيرة، يمكن الاتكاء عليها لرسم الصورة والصيغة المستقبلية لمجلس التعاون، وتقاسم رؤية مشتركة تجاه المخاطر والتحديات والحلول.
قلت لصاحبي: “هذا المجلس وجد ليبقى.. وليكون أقوى” خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.