في الوقت الذي تحث فيه وزارة الحج والعمرة الجهات المختصة في الوزارة لاستكمال كافة التجهيزات لعقد الجمعيات التأسيسية لشركات أرباب الطوائف بالتنسيق مع وزارة التجارة، فإنه من الأهمية بمكان التأكيد على ضرورة أن تتم العملية الانتخابية في إطارها الصحيح الذي يعنى بالمعايير والشروط التي تضمن اختيار الأشخاص المناسبين الذين سيناط بهم مهمة شاقة ومسؤولية كبيرة ورسالة سامية غايتها النبيلة خدمة الحجيج، وتقديم أرقى أنواع الخدمات لهم خلال أدائهم المناسك، ومنذ أن تطئ أقدامهم أرض المطار، وحتى عودتهم إلى ديارهم سالمين مغفورًا لهم بإذن الله.
ولا شك أن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الناخب قبل المرشح؛ كي تجعلنا نقر بنجاح العملية الانتخابية في نهاية المطاف، هذه المسؤولية ذات أبعاد عقدية وأخلاقية واجتماعية وثقافية، وتقتضي التوعية بها حتى لا تخرج العملية الانتخابية عن إطارها ومفهومها الصحيح، وحتى لا تفقد بوصلتها الأساسية.
وما لاحظناه من بعض الظواهر السلبية التي صاحبت الانتخابات فيما سبق سواء في مؤسسات أرباب الطوائف أو غيرها من المؤسسات المدنية جنوح بعض الناخبين نحو اختيار المرشحين وفق الانتماءات العائلية، أو التحزب لأفراد بعينها لارتباطات القرابة أو الصداقة، وهو الأمر الذي ينبغي العمل على تلافيه في هذه الانتخابات؛ نظرًا لأنها تتعلق بأولوية هامة في سلم اهتمامات الدولة، ألا وهي ترسيخ مبدأ “خدمة حجاج بيت الله الحرام شرف ورسالة وغاية” لكل مواطن مخلص، وأمين، وحريص على مصلحة الوطن وخدمته.
اليوم يقف الناخب لاختيار أعضاء مجالس إدارات أرباب شركات الطوائف أمام اختبار نزاهة يتطلب منه اختيار المرشح الأكثر كفاءة الذي تتوفر فيه الجدارة والمعايير الأخلاقية والثقافية والعلمية والخبرات العملية، والتي يأتي على رأسها خصال الإخلاص والصدق والأمانة.
قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ» قالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا قَالَ «إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ”.
ومن أهم مظاهر تضييع الأمانات، إسناد أمور الناس إلى غير أهلها القادرين على تسييرها، والمحافظة عليها، لأن في ذلك تضييعًا لحقوق الناس، واستخفافًا بمصالحهم، ولا شك أن أمانة المسؤولية لدى الناخب أمانة عظيمة، للتحري عن المرشح واختيار الأصلح والاجتهاد في معرفة كفاءة المرشحين دون محاباة لفرد من الأفراد، وبعيدًا عن التعصب والتحيز للعائلة أو الأصدقاء أو المجاملة أو المصلحة الشخصية، وينبغي أن يعرف الأصلح في كل منصب، فإن الولاية لها ركنان: القوة والأمانة. لقوله تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} الآية 26 من سورة القصص.
كما لابد وأن تكون العملية الانتخابية مرهونة بضوابط يتم من خلالها تحقيق إرادة الناخبين ورضاهم، وتحقيق الأهداف المناطة بهذه الشركات، ومن أهم هذه الضوابط النزاهة والشفافية اللتين تضمنان اختيار أشخاصًا غير مصابين بداء الفساد الاجتماعي والمالي والإداري، وأقترح بهذا الصدد أن يكون لكل مرشح في تلك الانتخابات بطاقة تعريفية (سيرة ذاتية) تتضمن المعلومات الشخصية (وظيفته- مؤهلاته العلمية- خبراته العملية-منجزاته…الخ).
ويحدونا الأمل الكبير في أن تحقق هذه الانتخابات الغاية منها في الارتقاء بخدمة حجاج بيت الله الحرام إلى أرقى المستويات تحقيقًا لرؤية 2030، ولتكون رحلة الحج والزيارة مقننة وسهلة وميسرة
في جو من السكينة والطمأنينة، ولتبقى ذكرى مميزة ورائعة في ذاكرة الحاج.