المقالات

عيدهم بلا مذاق يا سمو الأمير!

في أول عيد بعد كورونا قررت أن أقضي إجازتي هذا العام في أحضان دوس، دوس الإنسان والتاريخ والطبيعة، كل شيء هناك كان حاضرًا وجميلًا إلا المسؤولية الرسمية، إلا التخطيط الجيد، إلا الخدمات العامة، وهذا بجانب ما أملكه من حساسية نقدية مفرطة نحو الجمال الفطري كغيري من أبناء المنطقة هو ما دعاني للكتابة عبر هذه النافذة الإلكترونية الغراء، والمقروءة جيدًا هناك، فلربما وصلت كلماتي هذه لسمو أمير المنطقة، وهو المسؤول الأول، وصاحب الاهتمام والحرص والعناية، وأعلم يقينًا أن سموه عاشق للنجاح والتميز، وتوجيهاته دائمًا ما تكون عنوانًا للحزم والإتقان.

دخلت صباح العيد أكبر مساجد دوس آل نعمة، دوس الصحابة والعلماء، دوس العلم والأدباء؛ وحيث قدسية الزمان وتكبيرات العيد كانت تملأ المكان روحانية وسلامًا، والرحمة والسكينة تتنزلان من السماء أمنًا وأمانًا، ولكن ماهي إلا دقائق معدودات حتى بدأ الناس يتلفتون حولهم وحواليهم، ويتساءلون: أين الإمام؟ من يصلي بنا صلاة العيد يا أخوان! قم أنت يا فلان صل واخطب بعده يا فلان! فليس للمسجد إمام، وعليكم الاجتهاد ما استطعتم خطبة وصلاة، يا ترى أين هو فرع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد؟ وأين المحافظ وشيوخ القبائل والأعيان؟ هل غلبهم النوم المقصود عن المسؤولية والأجر والثواب! أم يا ترى هجروا المكان!

مؤسف للغاية أن تقتل فرحة العيد في أقدس مظاهره وأبهى مباهجه، وتجهض أجمل تظاهرة دينية برعونة مسؤول، ومؤسف جدًا أن يعود الناس في أعيادهم مع أطفالهم بأثوابهم الوطنية الجديدة، وهي تشكو مكانًا بلا عيد وحلوى بلا مذاق! صحيح أن الدوريات الأمنية كانت حاضرة تضبط الدخول والخروج، وتتأكد من تطبيق الاحترازات الصحية، وتستقبل الناس بالمعايدة وحسن الأخلاق، كعادة رجال الأمن في ربوع بلادنا الآمنة المطمئنة، لكنهم كانوا كما كان الناس ينتظرون الإمام!

وعلى هامش هذا العيد الهامشي كان الناس يتحدثون بقلق وتوتر عن قرار الضم الجائر، فتارة يتخافتون ما بين مصدق ومشكك، وتارات يتهاتفون فرادى وجماعات، وأعني بذلك قرار إدارة التعليم الذي أبلغ به أولياء أمور الطلاب والطالبات قبيل العيد بأيام، القرار القاضي بإغلاق المدارس الحكومية وضمها كلها إلى مدرستين نائيتين، واحدة للطلاب والأخرى للطالبات، وتبعد عن الشارع الوحيد، شريان الحياة هناك، مسافات بعيدة، وفي قرى تبدو مهجورة من السكان إلا الأشباح، وكلهم يتساءلون: أين التخطيط الصحيح؟ ومن المسؤول عن هذا القرار؟ ولماذا غاب المحافظ وشيوخ القبائل عن القيام بما يتوّجب عليهم القيام به من نقل احتياجات الناس لأمير المنطقة! وبدلًا من أن تغشى قلوبهم الرحمة والسكينة صباحًا، وتملأ نفوسهم البهجة والفرح باقي النهار، استوطنهم الخوف والقلق على فلذات أكبادهم!

دعونا نتساءل عن التخطيط الاستراتيجي في محافظة المندق، من المسؤول عنه؟ وهل هناك فعلًا تخطيط استراتيجي أم أن الأمور متروكة على عواهنها وهكذا كيفما اتفق! لماذا كل القرارات هناك بدل أن تسهم في حركة النمو والإنماء تحولت إلى تكريس الجهود نحو تهجير أهلها، ودفعهم إلى السفر والارتحال! فإدارة التعليم ليس لديها خطة تنموية حقيقية، وكذلك فرع وزارة الشؤون الإسلامية، إن هذا الإهمال بلا أدنى شك يقوض مجهودات الدولة في تنمية الإنسان وتهيئة المكان!

لعلكم تتفقون معي أنه لا معنى للسياحة ولا للاصطياف إن غابت مقومات الاستقرار وشاع بين الناس ما يدحض خطط التنمية والتطوير! ولعل سمو أمير المنطقة يتفق معي أيضًا أن الإنسان هو أساس التنمية ومعول النجاح، وأنه – أعني الإنسان- الهدف الأسمى وحجر الأساس لحكومة قائد الحزم والعزم، أفلا نُوليه جل الاهتمام! مع أطيب تحية، وكل عام ودوس وبلادنا الحبيبة بألف خير وأمن وسلام.

Related Articles

4 Comments

  1. هذا وسعادة المحافظ احد ابناء دوس ونقل الاقتراحات والحلول والوصول اليه اسهل بكثير من غيره

  2. كانت الخطط الاستراتيجية في السابق تركز على الهجرة العكسية من المدن المكتضة فانشيئت الجامعة وغيرها لذلك والأن أصبحت الخطط الاستراتيجية في المنطقة تدعو الناس الى الهجرة الى المدن فمن المسؤل عن ذلك ؟؟

  3. المدارس التي تم ضمها
    ضمت الى مدرسة قريبة وليست نائية حرفيا
    لا تبعد عن مواقع المدارس المضمومة اكثر من ٢ كيلو متر.

  4. الاخ العزيز بندر
    مقال جميل ينقصه الشمولية في الطرح يبدو أن تأثير العاطفه قد أثرت على قلمك الرائع والذي يتطلع أبناء دوس الى نقده وبراعته باستمرار لخدمة دوس التاريخ
    عموما ماحصل في يوم العيد كان بسبب ترك الامام للمسجد في وقت ضيق اما ضم المدارس فكان قرار صعب ولكن بسبب الهجرة والمرسة التي ضمت اليها هي من تخرجت منها ياسعادة الدكتور وليست نائية بل هي دوس وأكثر كثافة سكانيه والمسؤول ينظر الى تواجد المواطن وليس الشارع العام
    تقبل مروري مع رجائي أن نراك دائما في دوس ولي فقط في المناسبات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button