قريبًا جدًا ستصدر القائمة النهائية التي ستشتمل على أسماء المرشحين المقبولين من قبل الجهات المعنية للترشح لعضوية مجالس إدارات شركات ارباب الطوائف التسعة. وقريبا جدا سيثار سؤالا في أذهان الآف الناخبين في كل الشركات المساهمة التسع مفاده: ننتخب من؟! بمعنى
هل ننتخب صديقنا (س) غير الكفوء لمجرد أنه مساهم معنا في شركتنا وبيننا وبينه عيش وملح؟
هل ننتخب المرشح (ص) لأنه أخي أو ابن عمي أو من أسرتي؟
هل ننتخب المرشح (ك) لأن صديقنا (ق) أوصانا بالتصويت له أوأمرنا بإنتخابه؟
هل ننتخب المرشح (ل) لأنه الأجدر علميا وعمليا؟
ولكن في المقابل الذي هو أكثر أهمية من السؤال الأول، يفترض أن يثار سؤالان جوهريان مفادهما: ماذا سنخسر إن لم ننتخب الأجدر علميا وعمليا؟ ومن سيتأذى من سوء اختيارنا للمرشح الذي سيقود شركتنا؟
هذه المقالة تحاول تقديم إجابة لهذه الأسئلة المحورية. وسنبدأ من السؤال الأخير الأكثر أهمية إلى السؤال الأول المهم.
أولا: من سيتأذى من سوء إختيارنا للمرشح الذي سيقود شركتنا؟
إن المتضررين من اختيارنا لمرشح غير كفوء يتسبب في إفلاس شركتنا هم عديدون لعل أولهم مساهمي الشركة وفيهم الأيتام والأرامل والفقراء وثاني المتضررين هم حجاج بيت الله الحرام.
ففيما يتعلق بالأيتام فقد نهانا الله عزوجل عن قهرهم بفناء مالهم و/أو أكل أموالهم بغير وجه حق سواء بأخذها منهم مباشرة أو التسبب في ضياعها منهم. فقد قال تعالى (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ) كما قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا). ترى ماذا سنجيب الله عزوجل إن سألنا عن إختيارنا لأشخاص غير أكفاء دخلوا في مشاريع خاسرة تسببت في إفلاس الشركة التي يمتلك فيها هؤلاء الأيتام خاصة القصر منهم أسهما؟
أما عن إلحاق الضرر بالمسلمين سواء أكانوا مساهمين في الشركة أو حجاجا أو معتمرين فقد نهانا ربنا عن ذلك بقوله (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)، كما نهانا رسوله الكريم عن ذلك بقوله صل الله عليه وسلم (المسلم أخو المسلم؛ لا يَظلِمه، ولا يخذله، ولا يحقره) وقوله (كلُّ المسلم على المسلم حرامٌ؛ دمه وماله وعِرضُه). ترى كيف سيكون جوابنا على سؤال الله عزوجل لنا عن مبررات انتخابنا لمرشحين غير أكفاء ألحقوا الأذى بالمساهمين (المؤمنين والمؤمنات) من خلال التسبب في تفليس شركتنا أو الحقوا الأذى بالحجاج والمعتمرين بتقديم خدمات غير ذات جودة عالية من خلال موافقتهم على برامج شركة إسناد أو برامج شركة تقديم الخدمات. عند العرض على الحكم العدل المبين يوم لا ينفع مال ولا بنون فلن ينفعنا صديقنا أو قريبنا أو زميلنا الذي من أجله إنتخبنا المرشح غير الكفوء.
ثانيا: ماذا سنخسر إن لم ننتخب الأجدر علميا وعمليا؟
لا شك أننا إن لم ننتخب الأجدر علميا وعمليا فسنخسر أموالنا ومعها مهنتنا التي توارثناها أبا عن جد وهي خدمة ضيوف الرحمن أبد الآبدين.
ففيما يتعلق بمالنا فقد نهانا الحق المبين عن الحاق الضرر بأموالنا سواء إنفاقا أو تحصيلا فقد قال عزوجل:)وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ) لئلا يضيعوها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم) إن الله يرضى لكم ثلاثاً، ويكره لكم ثلاثاً… ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال). هذا كما قال صلى الله عليه وسلم (لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وماذا عمل فيما علم). ترى كيف سيكون جوابنا عن سؤال ربنا لنا: فيما انفقتم أموالكم؟ هل سنقول سلمناها لغير الأكفاء ليهدروها لنا؟!
أما فيما يتعلق بمهنتنا ومهنة أباءنا وأجدادنا المتمثلة في شرف خدمة ضيوف الرحمن فسوف نفقدها هي الأخرى وذلك لأننا في ظل نظام الشركات فإننا سوف نخدم حجاجنا عبر شركتين هما شركة إسناد وشركة تقديم الخدمات المملوكتين بالكامل للشركة الأم وهي (شركة مطوفي حجاج ……) فإن نحن أخترنا أعضاء مجلس إدارة غير أكفاء تسببوا في تحقيق خسائر تجاوزت 75 % من رأس مالها فلابد عندها من إعلان إفلاس شركتنا الأم وخروجها من كل الأسواق بما فيها سوق الحج. هذا الإفلاس في حد ذاته مصيبة، ستتضاعف إن لزم الإفلاس بيع أملاك الشركة الأم لسداد ما عليها من ديون تجاه الآخرين، وبما أن شركة إسناد وشركة تقديم الخدمة المملوكتان للشركة الأم سوف تخرجان حتما من السوق بالتبعية حيث سيتم تصفيتيهما أو بيعهما لسداد ديون الشركة الأم التي أفلست وخرجت من السوق. هنا سيكون مصيرنا جميعا هو الحرمان من خدمة الحجاج عبر شركتنا الأم وشركتيها المملوكتين لها (شركة إسناد وشركة تقديم الخدمة) أبد الآبدين. ولكن يمكن للحريصين منا العمل كموظفين أو عمال في شركات أرباب الطوائف الأخرى الناجحة التي اكتسحت السوق وحلت محل شركتنا المفلسة وإن كنت أشك في أن تقبل الشركات الناجحة بتوظيف الحريصين منا لأنهم ليسوا في حاجة إلى فاشلين ساهموا في إفلاس شركتهم.
ثالثا: من ننتخب؟ّ
إن الآيات الحكيمة من القران الكريم، والأحاديث الشريفة من السنة النبوية الكريمة، والكلمات والجمل القاسية المذكورة أعلاه يؤكدون جميعا أنه لا يجب أن ننتخب إلا الأكفاء أصحاب الجدارات الواثقين نحن كل الثقة أنهم قادرين بتوفيق الله على إنجاح وتفوق شركاتنا. فإن لم نفعل ذلك وانتخبنا الأصدقاء و/أو أفراد الأسرة أو من أُمرنا بانتخابهم وهم غير جديرين بالانتخاب والثقة، فقد خالفنا كلام الله وحديث رسوله والحقنا الضرر بأموالنا وأموال غيرنا من الأيتام والفقراء والمساكين كما ألحقنا الضرر بأنفسنا وبضيوف بيت الله الحرام. ليس ذلك فحسب، بل إننا الحقنا الضرر بالمرشحين غير الأكفاء أنفسهم حيث سنتسبب بانتخابنا لهم في إحالتهم إلى النيابة العامة ومحاكمتهم وبالتالي سجنهم إن قاموا بمخالفات قانونية أو تسببوا في إفلاس شركتنا أو قاموا بالغش أو التلاعب مثلما حدث مع شركة المعجل في سوق الأسهم السعودية حيث:
“قضت لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية التابعة لهيئة السوق المالية في عام 1437 هـ، بتغريم مجموعة “محمد المعجل” مبلغ 1.6 مليار ريال، والحكم بالسجن لمدة خمس سنوات على كلٍ من مؤسس المجموعة والرئيس التنفيذي”.
بمعنى .. إعلم أخي الناخب أنك ربما اليوم تجامل أخاك شقيقك أو قريبك في العائلة أو صديقك غير المؤهل، ولكنك في نفس اليوم إعلم أنك أسهمت في الحكم عليه بالسجن والغرامات المالية الكبيرة لأن جهله سيدفعه حتما إلى إرتكاب مخالفات تستلزم سجنه وتغريمه. أفتسعى إلى سجن أخيك غير المؤهل بحجة حبك له؟!
ختاما.. يعلم الله أنني ما كتبت لكم مقالتي الأولى ومقالتي هذه الثانية لأنني أفضلكم، ولكنني خشيت أن يسألني الله عزوجل يوم العرض عليه، يوم لا ينفع مال ولا بنون .. عن علمي ماذا عملت به، فهل بلغت وشرحت وفصلت.. اللهم فأشهد.
——————
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز
قسم المحاسبة
حقيقة..ما سطرتموه سعادة الدكتور يعد روشيتة حكيم، يعيش الواقع المعاصر لإنتخابات قادمة، ممزوجاً بالآم الماضي وتلك الإنتخابات التي…! و بين السطور تنبيهات ليتنا جميعاً ندرك معانيها وتأثيرها، متفائلون بعون الله بمستقبل واعد لشركات أرباب الطوائف وحرص وزارة الحج والعمرة على الحزم والنزاهة فيها إضافة إلى إرتقاء ثقافة الإنتخابات لدى منسوبي ومنسوبات أرباب الطوائف، حفاظاً على مدخرات مالية ومعنوية لتلك الكيانات، وشرف مهنة مقدسة جديرة بالإهتمام، بوركت يمينكم..
حفظك المولى د. طارق تنبيهات من خبير اقتصادي جاءات كخارطة طريق لحسن اختيار الناخبين والتوعية للمساهمين بالاضرار والمخاطر المترتبة على الاختيار الخاطيء للمرشحين وهي مخاطر مخالفة للدين والخلق وآثارها دنيا وآخرة.. اقنعت المساهم بتدعيمك الرأي بالايات القرانية الكريمة .. بل اجمل ما فيها التأكيد على عدم ترشيح من ثبت فشله في ادارة استثمارات سابقة.. ولذا نتمنى ان يكون الناخبين على مستوى من المسؤولية في منح الصوت حسب الجدارة والاستحقاق الفعلي والكفاءة لصالح الكيانات وليس للمصالح الخاصة .. كما كان سابقاً .. وفقك الله وسددك ..
سعادة الدكتور
قليل كلمة شكرآ على هذا التوضيح في شرحكم.
كما اوضحت في سيناريو العمل الذي نعيشه مرحلة الانتخابات أتمنى أن نجد في انفسنا نحن المرشحين الغير مؤهلين لهذا الحمل الثقيل أن نتحلى بالشجاعة وأن نبادر بالانسحاب من القائمه .
ليس بعيب ان نكون صريحين مع انفسنا وان يكن انسحابنا للحفاظ على هذه المهنه وماتبقى منها وان نترك من هم اهل لهذا العمل وان نكون اعين على هذه الشركات وايدي تمتد لمساندتها وان نرتقي لخدمة ضيوف الرحمن .
فليس اللوم على من ينتخب فقط بل اللوم على من يغالط نفسه ودينه ووطنه في السعى للحصول على الفوز الهش.
المطوف السيد د/ طارق بن حسن كوشك الاكاديمي المتخصص في المحاسبة والخبير المالي الذي لايشق له غبار ، علق الجرس لقد اوجز وسلط الضوء وبمنتهي الشفافية والمهنية عن ماهية وأهمية الانتخابات للشركات المساهمة والتى هي حتما مختلفة عن الانتخابات السابقة لمجالس مؤسسات ارباب الطوائف والتى كانت تشرف وتنظمها وزراة الحج والعمرة ليس انتقاصا من التنظيم السابق ولكنها الاليات اختلفت بعد ان تم اسناد الامر لمقام وزراة التجارة حتى تواكب النقلة النوعية للحياة العصرية التى تعيشها المملكة وفق رؤية صاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان بن عب العزيز ولي العهد الأمين ، فصدور المرسوم الملكي بالتحول لنظام الشركات المساهمة ، يجب على الناخب سواء كان رجل او سيدة ان يُحكم العقل والمنطق ولا ينصت للاصوات النشاز سواء من المرشحين أو من حولهم واللذين بدوا باطلاق الوعود الوهمية للناخبين وهذا تأكيد و دليل لعدم المعرفة بالنظام الجديد واليات العمل ، فعصر المجاملات للاخوان والاقارب والاصحاب انتهي بغير رجعة ، فنظام الشركات المساهمة والذي يخضع بصورة مباشرة لانظمة وزراة التجارة يتسم بالوضوح والشفافية ، والأعمال والنتائج تخضع للتقييم والمراجعة من جهات عديدة وفق معايير علمية ، لن يكون (البائع باخيضر والمشتري باخيضر ) ، ومع تقديري من يرى بانه ناحج اليوم كعضو في مجلس الادارة في مؤسسة – ما- الان قد لا يستطيع ان يقدم شيئا غدا في عضوية مجلس ادارة الشركة لان طبيعة العمل ستكون مختلفة البتة وفاقد الشي لأ يعطية. والامثلة على ارض الواقع خير برهان يحب ان نفكر في مصلحة الاجيال المسئولين عنهم غدا ، علينا ان نحسن الاختيار بعيدا عن العواطف والدعايات كون هذا صديق واخر قريب لمن يمثلنا في الشركة التى ننتمي لها وندرك بان هناك شركات اخرى منافسة ، والقطار لاينتظر المتاخرين والمتقاعسين ، والناجح من هذة الشركات هو من يستطيع من يبني كيان راسخ ذو أصول وأعمال تحقق عوائد للمساهمين . هنيئا للمساهمين اللذين سيختارون اعضاء مجلس ادارتهم بعقلانية مغلبين المصلحة العامة على المصلحة الخاصة
ونسأل الله العون والتوفيق للجميع