لم أتعود الكتابة في الشأن الرياضي والكروي تحديدًا، ذلك أن لدي قناعة بأن الإعلام الرياضي له أهله ونقاده ومحللوه وعلى كافة الأصعدة، ولكن – وبالرغم من أن ما أود التحدث عنه يتعلق بالشأن الرياضي، إلا أنه ذو أبعاد اجتماعية ووطنية في المقام الأول، فبالتأكيد ما حصل في نادي الوحدة مؤخرًا هو أمر لا يرضي بأي حال من الأحوال عشاق هذا الكيان العريق وأهل مكة الكرام، بل ولا يرضي أي شخص غيور على رياضة الوطن، فنادي بوزن وثقل وعراقة نادي الوحدة لا يعقل أن يكون في الدرجة الأولى؛ خاصة وأن النادي لديه كل المقومات التي يمكن أن تجعل منه بطلًا، كما أنه حظي بدعم كبير في السنوات الأخيرة أسوة بجميع أندية الوطن؛ إضافة إلى أنه يملك من الأسماء المحلية والأجنبية ما يمكن أن تجعله ينافس على البطوله فضلًا عن أن يصارع على الهبوط !!!
فمن سمح لقلة من الأشخاص للعبث بتاريخ هذا النادي العريق، ومن أعطاهم الحق والحرية للتصرف؛ وكأن النادي ملك لهم !! للأسف مع كل عودة للروح والأمل لدي جماهيره وشكله الذي عشقناه منذ أن فتحنا أعيننا تمتد هذه الأيادي لتسرق ذلك (الأمل)، وأظن أن آخر الأساليب كانت بصيغة المكابرة والعصيان وتصفية الحسابات التي مارسها هؤلاء العابثين وعديمي الإحساس بالمسؤولية.
وحقيقة إني لست ضد أحد بشكل شخصي، ولكن مع الأسف فإن معظم من ترأس الفريق في السنوات الأخيرة الماضية، كانت أهدافه شخصية وليست لمصلحة النادي، وكل منهم كان يبحث عن مجد شخصي ولخدمة مصالحه ومصالح شلته ومعاونيه، والأدهى والأمر أنه كلما رحلت إدارة فاشلة؛ فإنها تقوم بمحاربة الإدارة التي تليها وتقلل من شأنها وتشكك في عملها، حتى تبرر للجمهور فشلها، فهناك عدد ممن ترأسوا الفريق في فترة سابقة، ما برحوا الانتقاد والتهجم بل وقد يصل الأمر إلى الشتم وحتى من خلال وسائل الإعلام التي فتحت لهم الباب على مصراعيه، في الوقت الذي يفترض فيه أن الإدارة السابقة تدعم الإدارة الجديدة، وتساندها وتوضح لها مواطن الخلل والعقبات التي قد تواجهها لتستطيع معالجتها وتجاوزها؛ وذلك لو كانت أهدافهم لخدمة الكيان.
لقد شاهدنا بعض الفرق بأقل الإمكانيات تحقق بطولات، ومن يملكون الإمكانيات والتاريخ ولديهم الفرص ويملكون كل المقومات، يدمرون كيانهم بأيديهم ويحاربون بعضهم البعض وتأخذهم العزة، ومن ثم يتباكون على اللبن المسكوب.
لا أعرف ما أقول، ومن أين أبدأ ! محزن ومؤسف جدًا ما وصل إليه الحال في نادي الوحدة، فما يحدث يحتاج إلى وقفة مخلصة من أبناء النادي، بل ومن المسؤولين عن رياضة الوطن، حتى لا يتدهور أكثر، فهناك أندية حديثة ولا تملك نصف مقومات نادي الوحدة، ومع ذلك استطاعت تحقيق بطولات بفضل الله ثم بهمم رجالها!!.
إن ما يقوم به البعض داخل أروقة النادي، وما يحدث من عمل إداري متخبط لا يرضي أي محب وعاشق للنادي بل وأي رياضي غيور، وأحسب أن ذلك في قلب كل مخلص من أبناء مكة.
وليس الحديث عن هزيمة أو هبوط على الرغم من أهمية ذلك، فالمشهد أصبح يتكرر في كل عام، وإنما الحديث عن نادٍ وانتماء وهوية وتاريخ وعشاق ورجالات نادي؛ فإلى متى وجمهور وعشاق هذا الكيان ينتظرون ؟؟ وأي إخفاق هذا وأي إحباط للجماهير العاشقة !!
لقد فرطت هذه الإدارة في عدد من اللاعبين المحترفين والذين يعدّون من أفضل المحترفين في الدوري السعودي، فقد وصلوا إلى حد التجانس والتكامل خلال الموسم الماضي، وحققوا المركز الرابع والمقعد الآسيوي، وكان بالإمكان تحقيق مراكز أفضل خلال هذا الموسم لو تم الإبقاء عليهم، ولكن مع الأسف قامت الإدارة الحالية بالتفريط فيهم وجلب لاعبين لا يمكن أن يقدموا أي إضافة للفريق، فضلًا عن مستوياتهم التي لا تؤهلهم لارتداء القميص الأحمر، فما السبب وراء التعاقد معهم ؟ ربما لمصالح شخصية أو لمصالح متبادلة، وكانت النتيجة تدمير الفريق والهبوط به.
إن من تسبب في كل ذلك ومن تسبب في هذه الكوارث يجب عليه أن يرحل، ولكن ليس قبل أن يحاسب، فيجب أن لا يمر الأمر مرور الكرام، فأتمنى من وزارة الرياضة والجهات المسؤولة التحقيق مع المتسببين في هذا الإخفاق المرير، والفساد الظاهر في إدارة النادي، كما أتمنى من الوزارة أن تسعى وتحرص فيما بعد على تكليف ذوي الكفاءة والأمانة، ومن تتوفر لديه الخبرة في الإدارة، وصدق النية في خدمة الكيان، وإبعاد كل من يحاول تقديم مصلحته الخاصة، مع ضرورة وضع حدود للانتقادات المحبطة وغير المبنية على أسس إدارية وعلمية، فمع شديد الأسف تم تدمير الكيان والقضاء على كل طموح وأمل كان يراود أهل مكة وعشاق الفريق، من قبل أشخاص ليسو أهلًا لتحمل المسؤولية، ولا يهمهم سوى مصالحهم الشخصية، وغير أكفاء بتصرفاتهم الرعناء وقراراتهم الخاطئة ولا مبالاتهم.
لقد ظل نادي الوحدة على مدى سنوات مدرسة لإخراج أجيال من اللاعبين من أبنائه يمثلون المنتخب الأول ويشكلون عموده الفقري؟ وهناك عدد كبير من أبرز لاعبي منتخبات المملكة على مدى عقود، هم في الأصل من أبناء نادي الوحدة، ولكن وبكل أسف ومع كل إدارة نجدهم يتبعثرون ويباعون ولا يجدون لهم مكانًا في الفريق، ومن ثم تتلقفهم الأندية الأخرى، ويصبحون نجومًا فيها.
وختامًا أقول للذين يعبثون بتاريخ وسمعة نادي الوحدة، اتقوا الله في عشاق الفريق وأهل مكة، واعلموا أن هذا الكيان أكبر منكم، وأكبر من أي شخص، فمن أراد أن يعمل من أجل النادي بإخلاص ووعي إداري، واختيار اللاعبين والمدربين بشكل صحيح وبعيدًا عن الأهواء والمصالح، فأهلًا به، ومن يريد تحقيق مصلحته الشخصية ومآربه الخفية؛ فعليه أن يبتعد، وليبحث عنها في مكان آخر .