أرتال من فاكهة الرمان المحشي بحبوب الكبتاجون المخدر ضُبطت على مداخل حدودنا الشمالية قبل أسابيع قليلة. تلك كانت هدية العيد القادمة لنا من دولة عربية محكومة فارسيًا لتدمر عقول شبابنا وتوردهم المهالك؛ ليكونوا قُربانًا لإرضاء وليهم الفقيه. لكن إرادة الله مكّنت رجال الجمارك من ضبطها كما ضبطوا من قبلها الكثير. محاولات جبانة ويائسة للإضرار ببلادنا التي لم تقدم لهم في يوم من الأيام إلا العون والمساعدة والمساندة في السراء والضراء.
مداخل بلادنا الحدودية المتعددة يمر منها الكثير والكثير من السلع والبضائع؛ لتكون مُتاحة في الأسواق لتغطية حاجة المواطنين والمقيمين، وهو إجراء لا غبار عليه طالما ارتبط بحاجة فعلية ووفق الأنظمة والإجراءات المطبقة على نشاط الاستيراد. لكن دعونا نأخذ فاكهة الرمان كمنطلق لمناقشة موضوع في غاية الأهمية هو احتياجات بلادنا من الغذاء. الرمان فاكهة موسمية صيفية تزرع وتنمو أشجارها في عدد من مناطق المملكة، وتنتج بعض المناطق منها كميات نحتاج إلى التأكد من مدى تغطيتها لحاجة سوقنا المحلي؛ ولكي نحصل على معلومة كهذه فعلينا أن نجول بين وزارات مختلفة وهيئات متعددة لربما نصل إلى رقم تقريبي يُحدد لنا موقعنا بين الاكتفاء والعجز من هذه الفاكهة محدودة الاستهلاك.
جولتنا ستنطلق من وزارة البيئة والمياه والزراعة؛ لنتعرف على كميات الإنتاج من الرمان في بلادنا ثم علينا أن ننطلق إلى وزارة التجارة لنتعرف على الموردين المرخصين لاستيراد هذه الفاكهة يعقب ذلك زيارة إلى هيئة المواصفات والمقاييس؛ لنتعرف على معايير الإنتاج والاستيراد، وقد نحتاج إلى المرور على هيئة الغذاء والدواء لننظر فيما وضعته من اشتراطات لاستيراد الرمان ثم علينا الذهاب إلى هيئة الجمارك؛ لنتعرف على كميات ما يدخل إلى أسواقنا يلي ذلك يتوجب علينا أن نبحث عن الجهة التي يمكن أن تقول لنا عن معدلات الطلب على هذه الفاكهة في أسواقنا المحلية. في نهاية الجولة قد نصل إلى رقم تقريبي، وقد لا نصل لتبقى حالة عدم اليقين عن مدى اكتفاء أسواق بلادنا أو عدم اكتفائها من هذه الفاكهة لغزًا ينتظر الحل.
لنسقط الإجراء أعلاه على باقي احتياجاتنا الغذائية؛ لنتعرف بشكل دقيق على حالة كل منتج وسلعة مرتبطة بغذاء الإنسان بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وعلى الأغلب فإنه وفقًا لحالة التشرذم الإداري للجهات المتعلقة بشأن الغذاء فسننتهي إلى قوائم من الاستفهامات ستؤكد لنا ضبابية مشهد التجارة الغذائية في المملكة، وحاجته الماسة إلى وقفة تصحيح جادة.
حقيقة لا جدال فيها أنه لا توجد دولة في العالم لديها اكتفاء ذاتي كامل من جميع أصناف الغذاء، لكن الأكيد أنه حق لكل دولة أن تسن من القوانين وتتخذ ما تراه من الإجراءات لضبط حالة أسواقها وحماية المنتجين والمستهلكين من مواطنيها على حد سواء.
الأمن الغذائي هو مصطلح حساس بالمنطق الأمني، واعتيادي بلغة الاقتصاد والتجارة الدولية وبين الأول والثاني تبرز حاجتنا الماسة إلى هيئة وطنية للأمن الغذائي تنسق بشكل صارم بين الجهات المعنية، وتبني قواعد بيانات دقيقة تنظم حركة الإنتاج والتسويق المحلي والتصدير الخارجي للمنتجات الفائضة عن حاجة الأسواق المحلية كما وتقنن الاستيراد حماية للمنتج المحلي والمستهلك الأمر الذي سيساهم في توسيع الإنتاج المحلي وتقليل الاستيراد وقصره على الأصناف الأساسية وفق حاجة السوق المحلية عندها سنقطع الطريق على شاحنات الرمان المحشي؛ لتبقى ذكرى أليمة في اذهان مرسليها يستحيل تكرارها.
والله من وراء القصد.