الأحداث تتسلط على الزمان فتشكّله كما تريد، ليصبح شوال 60 يوماً، وها نحن في رحاب ليلة السابع والخمسين من هذا الشهر المتصرّم، أو لنقل” 360 يوماً” كما يسميه البعض.
يبدو أن شوال نجح فعلاً في صناعة ثقله، حتى أصبح حديث النفس، وبالغ في الثقل حتى بات أثقل الأضياف، فظ المعشر، وربما توصد دونه الأبواب.
قديماً كان محل تشاؤم لدى العرب، حتى أنه توقيت غير صالح للارتباط المقدس، وأياً كانت صحة ذلك الاعتقاد من حيث وجوده أو عدمه فما أحدثه فينا خلق قطيعة أدت إلى الاستئناس بتلك المقولات.
لن يتجاوز الثلاثين مهما بلغ، ولا يعدو أن يكون شهراً من أشهر السنة، يبدأ لينتهي وينطلق ليقف، وكل ما يعيشه البعض تجاه ذلك الشهر هو استسقاء الجمع على الجمع ونواة الفرد التي زرعها في محيطه فبات ما حوله صدى له، فانعكس الصدى ليكون تفاعل آخر، وصدىً أقوى بمساحةِ تأثيرِ أكبر.
لا يصبح الليل طويلاً إلا إذا صبغه الانتظار، وبهذا فإن معيار طول المسيّة من قصرها خاضع لما ترقبه فجراً وما تتفرّسه في تباشير الصباح، وهذا الذي جعل ليل أمرئ القيس طويلاً “الا أيها الليل الطويل” وكل ساعة تخللها الانتظار يضاعف زمنها بقدر اللهفة إلى ما يُنتظر، والشوق لما يُرقب.
نخلص من هذا أن للانتظار يد طولى فيما يعيشه البعض مع شوال، ولست أشير هنا لغير المادة، فكمية النزف المالي وزخم الإنفاق الذي ينطلق به يجعلك تترقب أخره، لتعيد ترتيب نفسك من جديد، ووقوعه في بداية الإجازة مثلاً وما سيعقبه من أسفار وترحال من جهة ومناسبات اجتماعية من جهة أخرى أدخله قسراً في باب الانتظار.
أعمق من هذا ما يتعاقب فيه من أحداث، فالعيد وأيامه وما يتخللها من أحداث، ونهاية إجازة، وبداية عمل، وكثرة الفواصل المستوقفة لذاكرتنا ربما قد تصنع شيء من تراكم الأحداث في وقت وجيز، وبالتالي طول مدة وامتداد زمن.
شوال كغيره، وأيامه ولياليه خاضعة لقانون الأشهر العام، ولا يتمتع بأي مزية ولم يُمنى بأي نقيصة، ولكن للعقل الجمعيّ تأثيره بلا شك، ونسبية اينشتاين تُطلّ من زاويتها لتؤكد أن طول الوقت وقصره يكتبه ما يوصل لذلك الناتج رغم تساويها في الميزان، كما أزعم أنى والكثير ضحية إيحاء ساقه عقل لعقل وزرعته روح في روح.
ختاما……تجاوز عن هذا التسطيح فالعالم من حولنا يعيش أزمة أكبر تجعل من الثواني أياما لا تقبل الانقضاء وتأبى على قانون الحركة، وتموت شامخة في وجه عقرب ساعة يحاول إنقاذها…. ولكن مروراً على ما درج فحسب.