إيوان مكة

أَرْضِي سَعُودِيَةٌ

خُذْنِي إِلَيْكَ وَلَا تَعْبَثْ بِإِحْسَاسِي
وَلَا تَذَرْنِي إِلَى الْأَشْوَاقِ وَالْيَاسِ

وَلَا تَذَرْنِي لِسُمِّ الْبُعْدِ قَدْ غُرِسَتْ
أَنْيَابُهُ فِي فُؤَادِي شَرَّ إِغْرَاسِ

لَا تُخْرِسَنَّ شُعُورِي فِي بِدَايَتِهِ
فَرُبَّ عَاطِفَةٍ مَاتَتْ بِإِخْرَاسِ

فَلَسْتُ مَنْ يُتْقِنُ الشَّكْوَى عَلَى طَلَلٍ
وَلَا الْوُقُوفَ عَلَى رَسْمٍ وَأَدْرَاسِ

وَلَسْتُ مَنْ يَتْلُو الْأَبْيَاتِ مُنْتَحِبًا
وَلَسْتُ مَنْ يَسْلُو الْأَنَّاتِ بِالْكَاسِ

أَنَكَى النَّوَائِبِ وَعْدٌ طَالَ مَوْعِدُهُ
وَأَعْظَمُ الْخَطْبِ صَدٌّ بَعْدَ إِينَاسِ

وَمَا خَبِرْتُ لَعَمْرِي فِي الْحَيَاةِ بِلىً
كَالْإِبْتِلَاءِ بِحُبِّ الْغَافِلِ النَّاسِي

أَدْنُو إِلَيْكَ فَتَنْأَى ثُمَّ تَهْجُرُنِي
هَجْرَ السَحَابِ لِأَرْضِ ذَاتِ أَيْبَاسِ

فَجُدْ بِوَصْلِكَ يَا مَنْ قَدْ بُلِيتُ بِهِ
وَلَا تُرِينِي ظَلَامًا بَعْدَ إِشْمَاسِ

لِي فِي وِصَالِكَ أَوْطَانٌ أَلَوذُ بِهَا
مِنْ دَوْرَةِ الزَّمَنِ الْمُسْتَوْحِشِ الْقَاسِي

وَبَحْرُ وَصْلِكَ كَمْ يَحْلُو بِهِ غَرَقِي
أَنَا الْغَرِيقُ الذِي فِي الْغَرْقِ أَنْفَاسِي

حَتَّى مَتَى وَلَيَالِي الصَّبِّ تَحْرِمُنِي
نَوْمِي وَتُوقِدُ أَحْزَانِي وَوَسْوَاسِي

كَمْ لَيْلَةٍ عِشْتُهَا سَهْرَانَ مُكْتَئِبًا
كَأَنَّ عَيْنِيَ قَدْ شُدَّتْ بِأَرْمَاسِ

وَكَيْفَ يَرْقُدُ مَفْتُونٌ بِفَاتِنِهِ
عَذْبِ اللَّمَى وَرَشِيقِ الْقَدِّ مَيَّاسِ

وَلِي أَقَارِبُ قَدْ فَارَقْتُ مَجْلِسَهُمْ
خَوْفَ اْفْتِضَاحِ شُجُونِي بَيْنَ جُلَّاسِي

أَمْشِي بِغَيْرِ هُدًى فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ
وَصُحْبَتِي قَلَمِي شِعْرِي وَقِرْطَاسِي

كَمْ قُلْتُ فِي شُعَبِ الْأَسْوَاقِ مِنْ جِكَمٍ
كَأَنَّنِي شْوَيَّخْ مِنْ أَرْضِ مَكْنَاسِ

لَهْفِي عَلَى صُدَفِ الْأَقْدَارِ تُسْلِمُنِي
لٍفَاتِكٍ بِرَقِيقِ الْقَلْبِ دَوَّاسِ

لَا حَوْلَ لِي بِعُيُونٍ فِيهِمَا حَوَرٌ
فَارْحَمْ حَنَانَيْكَ وِجْدَانِي وَأَفْرَاسِي

غَنُوجُ مَا رَمَقَتْ عَيْنَاهُ لِي أَبَداً
إِلَّا وَقَدْ أَرْسَلَتْ لِي رُمْحَ جَسَّاسِ

رِيمٌ كَأَنَّ لَهُ عِنْدِي بِنَظْرَتِهِ
ثَارَاتُ مَرْوَانٍ مِنْ آَلِ عَبَّاسِ

إِذَا وَشَى فَلَكَمْ طَابَتْ وِشَايَتُهُ
وَإِنْ مَشَى اْهْتَزَّ طُودٌ شَاهِقٌ رَاسِي

لِلَّهِ دَرُّ قَوَامٍ لَوْ نظَرْتَ لَهُ
يُنْسِيكَ فِي هَيْئَةْ اليَاسْمِينِ وَالْآَسِ

وَدَرُّ خَصْرٍ مَهْضَومِ الْحَشَا حَسَنٍ
كَأَنَّ دَوْرَتُهُ صِيغَتْ بِمِقْيَاسِ

وَدَرُّ شَعْرٍ تَرَاخَى فِي ضَفِيرَتِهِ
كَأَنَّهُ سَبْحَةٌ فِي كَفِّ قُدَّاسِ

وَدَرُّ ثَغْرٍ إِذَا أَلْقَى مَقَالَتَهُ
سَبَى عَقُولَ جَمِيعِ الْخَلْقِ وَالنَّاسِ

ثَغْرٌ لَوَ اَنْفَقْتُ أَمْوَالِي لِمَبْسَمِهِ
لَمَا نَدِمْتُ عَلَى فَقْرِي وَإِفْلَاسِي

هَيْهَاتَ فَوْقَ الثَّرَى أَوْ فِي الذُّرَى لَكُمُ
شِبْهٌ كَأَنَّكَ مِنْ دُرٍّ وَأَلْمَاسِ

قَدْ تَسْكُنُ الْجِنُّ بَعْدَ الْمَسِّ فِي جَسَدٍ
وَأَنْتَ تَسْكُنُنِي مِنْ غَيْرِ إِمْسَاسِي

إِنْ كُنْتَ تَجْهَلُ مَا إِسْمِي وَمَا نَسَبِي
فَاسْمِي يُضَيءُ بِظَلْمَاءٍ كَنِبْرَاسِ

فَإِنَّنِي مِشْعلٌ أَرْضِي سَعُودِيَةٌ
بِلَادُ نَجْدٍ بِحَايِلْ أَرْضُ قِسْطَاسِ

د. مشعل بن ممدوح آل علي

شاعر - عضو مجلس الشورى السابق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى